لواء دكتور/ سمير فرج
فجأة أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الأسبوع الماضي أن سيف العدل المصري قد أصبح رئيسا لتنظيم القاعدة الإرهابي خلفا لأيمن الظواهري الذي قامت القوات الأمريكية بتصفيته بطائرة مسيرة في كابول بالعاصمة الأفغانية في يوليو 2022. رغم نفي الحكومة الأفغانية هذا الموضوع بل ولم تعلق على هذا الخبر حتى الان وكانت الولايات المتحدة قد رصدت مكافأة قدرها عشرة مليون دولار لمن يقدم بمعلومات عن سيف العدل المصري تؤدي إلى القبض او القضاء عليه. حيث كانت هيئة المحلفين الفدراليين الأمريكية قد وجهت له اتهامات أنه شارك في تفجير السفارتين الأمريكيتين في دار السلام في تنزانيا ونيروبي في كينيا في 7 أغسطس 1998 وأسفرت الهجمات عن مقتل 224 مدنيا وإصابة أكثر من 5000 شخص.
وسيف العدل 62 عام هو ضابط مصري سابق من القوات الخاصة المصرية. واسمه الحقيقي محمد صلاح الدين زيدان تم القبض عليه في مصر في القضية التي عرفت باسم إعادة تنظيم الجهاد عام 1978 واتهامه في التورط في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري حسن أبو باشا وتم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة بعدها هرب إلى السعودية ثم إلى السودان ثم أفغانستان عام 1989 حيث انضم إلى تنظيم القاعدة ولقد تزوج ابنة مصطفى حامد المقني المستشار السياسي لأسامة بن لادن وخلال وجوده بالسودان عام 1992 مع أسامة بن لادن كلفه بتدريب المقاتلين من رجال تنظيم القاعدة هناك، كذلك قام بتدريب اطقم الخاطفين الذين شاركوا في هجمات 11سبتمبر 2001 ضد أبراج التجارة العالمية بامريكا وكان سيف العدل. هو الذي قدم أبو مصعب الزرقاوي إلى بن لادن في البداية قبل أن يؤسس هو تنظيم الدولة الإسلامية داعش وبعد القضاء على بن لادن انتقل سيف العدل إلى جنوب شرق إيران وعاش هناك تحت حماية فرق الحرس الثوري الايراني وفي عام 2003 وضعت السلطات الإيرانية سيف العدل ومعه قادة آخرين من تنظيم القاعدة تحت الإقامة الجبرية.
ولكن في سبتمبر 2015 أطلقت إيران سراحهم مقابل تسليم دبلوماسي إيراني اختطفه أعضاء تنظيم القاعدة في اليمن ولقد أكد نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن سيف العدل يعيش الآن حرا طليقا في إيران وأنه أصبح يمارس نشاطه كزعيم لتنظيم القاعدة وإن إيران أصبحت الآن أصبحت ملازا آمنا لتنظيم جميع عناصر القاعدة، وأضاف وهذا يؤكد أن إيران هي التي تدعم الإرهاب وأن أنشطتها هي التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط.
وعلى الطرف الآخر أعلنت إيران عبر تغريدة من وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان. على صفحته أن المزاعم الأمريكية بأن زعيم القاعدة سيف العدل مقيم في إيران أمرا غير سليم، وأضاف أنني أنصح مسؤول البيت الأبيض بوقف لعبة إرهاب إيران وأن نشر أخبار عن زعيم القاعدة بإيران هو أمر مضحك. وبنظرة تحليلية لهذه الأحداث نرى أن هناك تخوف أمريكي واضح من حيث عودة نشاط تنظيم القاعدة لأن استراتيجية تنظيم القاعدة في البداية كانت ترى أنه يجب القضاء على أمريكا لأنها طبقا لفلسفة بن لادن أنها الشيطان في هذا العالم. وإنه بالقضاء عليها يعم السلام على العالم كله، لذلك كانت ضربات تنظيم القاعدة كلها موجهة ضد الولايات المتحدة في عهد بن لادن عكس تنظيم داعش الذي كان هدفه إنشاء الدولة الإسلامية.
من هنا يظهر الآن بوضوح خوف الولايات المتحدة بأن تبدأ تنظيم القاعدة توجيه ضرباتها مرة أخرى ضد الولايات المتحدة، كذلك هناك تخوف أمريكي من أن تنظيم القاعدة يريد الانتقام من أمريكا لأنها هي التي قامت بتصفية معظم قادة تنظيم القاعدة. وعلى رأسهم بن لادن، ومن بعده أيمن الظواهري في العام الماضي، خاصة أن الولايات المتحدة أعلنت بكل صراحة أنها هي التي قامت بتصفية بن لادن والظواهري.
أما التحليل الثاني بوجود سيف العدل في إيران ورغم ان إيران، تنكر ذلك الا إن أمريكا تعتقد أن إيران تستخدم هذا الموضوع كورقة للضغط ضد الولايات المتحدة لاستخدامها في أي مفاوضات قادمة، أولها تسليم سيف العدل وباقي أعضاء التنظيم للولايات المتحدة في إطار صفقة مقابل أن تسمح الولايات المتحدة بفك الأرصدة الإيرانية المجمدة. في اليابان وكوريا الجنوبية والتي تقدر قيمتها عشرة مليار دولار والتي يمكن أن تساهم في تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران حاليا نتيجة العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة والدول الغربية والتي أدت إلى قيام المظاهرات في كل أنحاء إيران ضد الغلاء والتضخم والبطالة.
كذلك يمكن أن يكون هذا الموضوع أيضا ورقة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية من إيران لسرعة بدء المفاوضات لحل مشكلة الاتفاق النووي والوصول إلى حل سريع بعد أن أوقفت الولايات المتحدة المباحثات على هذا الموضوع وأعلنت أنه ليس في دائرة اهتماماتها حاليا.
وتشير التقارير أن تنظيم القاعدة بدء نشاطه مؤخرا بعد تصفية الظواهري في مناطق اليمن وغرب أفريقيا. واتجهت التحليلات أن سيف العدل هو وراء إعادة تنظيم القاعدة مؤخرا والتخطيط لكل هذه العمليات لذلك كل الخوف حاليا من أمريكا أن يتجه نشاط القاعدة إلى اهداف امريكية.
وعلى أية حال فإن الولايات المتحدة وكافة أجهزة الاستخبارات في الدول الغربية سوف تركز في الفترة المقابلة القادمة على متابعة أي أنشطة لتنظيم القاعدة خاصة في مناطق الساحل وغرب أفريقيا واليمن وشمال سوريا للتأكد من عدم سيطرة سيف العدل. على أي أنشطة للقاعدة في هذه المناطق؟ وبالطبع ستكون هذه إشارة إلى مدى صحة تولي سيف العدل قيادة التنظيم.
واتذكر في مقالة سابقة لي عندما حكيت قصة القضاء على بن لادن. وكيف أن الكونغرس الأمريكي استدعى مدير الاستخبارات الأمريكية. لتكليفه شخصيا بضرورة القضاء على بن لادن، لذلك أعتقد أن هذه المرة سيتم استدعاء مدير الاستخبارات الأمريكيةCIA وتكليفه بالقضاء على سيف العدل.
لكن على أي حال فإن الولايات المتحدة تنظر بجدية نحو ذلك الموقف الجديد من عودة نشاط تنظيم القاعدة المعادي لأمريكا بقيادة سيف العدل الذي يأتي في ظروف غير مواتية داخل الولايات المتحدة، حيث ستبدأ الحملات الانتخابية للرئاسة القادمة للبيت الأبيض من خلال العام القادم مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها كل ذلك سيوضع في الاعتبار في المعركة الرئاسية في الولايات المتحدة الفترة القادم.