اليابان تقلد عمرو موسى وسام “الشمس المشرقة”

 عقدت سفارة اليابان بالقاهرة احتفالية مساء أمس الإثنين لتقليد عمرو موسى وزير خارجية مصر السابق وأمين عام جامعة الدول العربية السابق الوشاح الأكبر لوسام الشمس المشرقة نيابة عن جلالة امبراطور اليابان وحكومته.

وخلال الاحتفالية القى عمرو موسى كلمة قدم الشكر إلى جلالة امبراطور اليابان و أشاد فيها بالعلاقات المصرية اليابانية التي وصفها بكونها “قديمة ومبكرة ومتميزة ومتجددة”.

وقال موسى:

دعوني أبدأ بأن أقر لكم بأنها لحظة فارقة في مسيرتي المهنية تلك التي أقف خلالها أمامكم في هذا الحفل البهيج، لأتلقى هذا الوسام الرفيع “الوشاح الأكبر لوسام الشمس المشرقة”، الذي تفضل جلالة امبراطور اليابان فأنعم به علي. وأشكر صاحب السعادة “هيروشي أوكا”، سفير اليابان لدى مصر لدعوته هذا للفيف الكبير من الأهل والأصدقاء والزملاء للمشاركة في هذه المناسبة ذات المعنى السعيد والعميق. 

أنا دبلوماسي مصري لم يعمل أبداً في سفارة مصر باليابان، ولكنني أيضاً سياسي مصري عمل دوماً -كوزير خارجية لمصر- لصالح علاقة مصرية يابانية قوية ومتميزة، كما عملت كأمين عام لجامعة الدول العربية على إطلاق وتفعيل العلاقات العربية اليابانية وإثراء استراتيجيتها. 

لقد حضرت هنا في هذه القاعة تكريم عدد من السفراء المقتدرين السابقين لمصر في اليابان بأوسمة يابانية رفيعة. وكان لي مع بعضهم مناقشات ممتدة، قالت الكثير عن اليابان وحضارتها القديمة وتقاليدها الراسخة التي تعلي قيم الفروسية وتتحلى بأخلاق الفرسان، تدعم مسار العلوم وتعلي قدر الفنون .. آدابها رفيعة وحكاياتها ممتعة.

ومن قبل ذلك، ومنذ الصغر، ونحن في مصر نتعلم أن العلاقة بين مصر واليابان علاقة قديمة ومبكرة ومتميزة ومتجددة، وأن اليابان كانت تراقب مؤشرات التقدم في مصر منذ بدايات القرن التاسع عشر، وأن جلالة إمبراطور اليابان في ذلك الزمان أمر بإيفاد بعثة هي “وفد الساموراي” لتزور مصر على رأس الدول في جولتهم، وجاءوا لتلك الدولة الشابة (آنذاك) ليستكشفوا أسباب نهضتها وأسرار تقدمها. وجاءت بالفعل إلى المحروسة عند منتصف القرن، ورحبت بها الدولة المصرية وقادتها وأركانها. ومنذ ذلك الحين، انطلقت علاقات ود وتفاهم وتعاون بين هاذين البلدين القديمين والحضارتين الراسختين…

وتذكر أجيال اليوم شباباً وشيباً أن أول تفكير في مبنى يقام نتيجة للتعاون الدولي مع مصر بعد عام 1967 خلال سنوات الهزيمة، كان هدية من اليابان إلى مصر وهي المركز الثقافي المصري ودرته: دار الأوبرا المصرية الحديثة. كان ذلك حدثاً ذا عمق ثقافي لا يخفى، ورداً على ما قام به الإهمال من حرق دار الأوبرا المصرية التاريخية. جاء هذا تأكيداً على الأولويات الثقافية المصرية والروابط التي تقيمها مع أرباب الفنون العالمية. 

هذه الأجيال ذاتها لازالت تذكر بكثير من العرفان أنه عقب زوال الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المصرية وانطلاق عملية السلام الإقليمي بدءاً من سبعينيات القرن الماضي، جاء “جسر السلام” بمعونة يابانية مباشرة، ليعبر قناة السويس إلى سيناء، معلناً عن انطلاق عملية الإعمار في شبه الجزيرة بعد التحرير. 

نعم لطالما كانت اليابان دولة صديقة وشريكة تعاون نشط… لم تبخل على مصر بنقل التجارب والخبرات وإقامة المشروعات التنموية على مدار العقود المختلفة… هناك بصمات خالدة في مختلف بقاع مصر، فبالإضافة إلى دار الأوبرا وجسر السلام، هناك مشروع تطوير ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ قصر العيني ومستشفى أطفال أبو الريش، وهناك أيضاً الجامعة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا الذي كان لصديقي السفير هشام بدر دور كبير في تحقيقها خلال عمله سفيرا لدى اليابان.، وترأس مجلس أمناءها الآن السفيرة والوزيرة المتميزة فايزة أبوالنجا. كما تجدر الإشارة إلى إنشاء المدارس اليابانية، والتعاون المثمر في إنشاء المتحف المصري الكبير… كل هذه علامات بارزة في مسيرة التعاون متعددة الأوجه الذي خلق بالفعل جسراً للتواصل بين عمدة الثقافة الإفريقية.،. ونجمة الثقافة الآسيوية…

يطيب لي في النهاية أن أتذكر بالتقدير والعرفان دور رؤساء الوزراء اليابانيين البارزين الذين ساهموا في تطوير العلاقات الاستراتيجية المصرية اليابانية، وأتذكر معهم نظرائهم من مصر الذين عملوا على الدفع بهذه الصداقة إلى ما وصلت إليه من علاقات استراتيجية… فالرسالة الهامة هنا هي أن تلك العلاقات الاستراتيجية خلقت إمكانيات أرحب وأوسع ليس فقط لتطوير العلاقات الثنائية ولكن للتعاون سوياً في قضايا إقليمية ودولية حيوية، وأثق أن السفير الرائع هيروشي أوكا سوف يحقق ذلك خلال فترة عمله في القاهرة.

وختاماً .. أود أن أشكركم جميعاً لمشاركتكم في هذه الاحتفالية الجميلة، وأشكر السفير أوكا على دعوته الكريمة لهذا الحدث الكبير الذي سيبقى ذكرى عزيزة لدي ولدى أسرتي وأصدقائي. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *