د.”عبد اللطيف” في صالون نفرتيتي : “مصر غنية بآثارها وسيناء احتضنت الديانات السماوية الثلاث وتستحق أن تكون واحدة من أهم المعالم السياحية الدينية في العالم”.

عن تاريخ المسارات الدينية التي احتضنتها أرض مصر ، وعن آثار الديانات السماوية الثلاث التي تنتشر عبر أقاليمها ومدنها وقراها، عقد صالون نفرتيتي الثقافي فعالية تحمل عنوان ” مسارات مصر القديمة ..ذكرى العابرين” يوم الأحد الماضي بمركز ابداع قصر الأمير طاز التابع لصندوق التنمية الثقافية.

استضاف فيها الاستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف استاذ الآثار الاسلامية وعميد كلية السياحة والفنادق بجامعة المنصورة ومساعد وزير السياحة والآثار السابق، الذي تحدث فيه عن مدى ثراء أرض مصر أثريا وتاريخيا بشكل فريد وغير مسبوق ، مشيرا إلى أنها الدولة الوحيدة التي تحتضن أهم آثار دينية سواء إسلامية أو قبطية أو يهودية على مستوى العالم.

وكشف عن أهم المسارات القديمة التي سار فيها أهل مصر وزوارها واعتبروها تراث ديني مقدس، حيث تحدث الدكتور “عبد اللطيف ” عن أربع مسارات دينية احتضنتها أرض مصر ، بداية من مسار التجلي الأعظم الذي يقطع أرض سيناء ويحوي في قلبه منطقة دير سانت كاترين ودرب سيدنا موسى عليه السلام. والذي وصفها بأنها منطقة فريدة من نوعها على مستوى العالم وتمثل مقصدا للسياحة الروحانية والجبلية والاستشفائية.

وكشف عن وجود جبل ذو لون أسود يختلف عما يحيط به من جبال ويطلق عليه اسم “جبل المدكوك” من المرجح أن يكون هو الجبل الذي شهد حالة التجلي الأعظم.

وأوضح أن أرض سيناء احتضنت الديانات السماوية الثلاث وتستحق أن تكون واحدة من أهم المعالم السياحية الدينية في العالم.

كما تناول مسار العائلة المقدسة التي هربت إلى مصر طلبا للأمان فاحتضنها المصريون وساروا على خطاها من شمال مصر حتى محافظة أسيوط. مشيرا إلى أن المصريين قدسوا السيدة العذراء وابنها المسيح ونسجوا قصص حولهما في كل مكان زاره ، خاصة المحطات الخمس الرئيسية التي تم تحديدها والتي تعتبر من المواقع الأثرية والتاريخية والسياحية المتاحة أمام الزيارة المحلية والدولية، ويتصدرها كنيسة “أبي سرجة” في منطقة مجمع الأديان في مصر القديمة، شجرة مريم بالمطرية ، أديرة وادي النطرون ، كنيسة العذراء بجبل الطير بالمنيا ودير المحرق بأسيوط.

وشرح بشكل وافي مسار آل البيت الذين جاؤا إلى مصر واستقروا بها وبات طريقهم مليء المساجد والأضرحة والقباب. موضحا أن مصطلح “آل البيت” يتم إطلاقه على كل من أتي من نسل السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد صلى اللّٰه عليه السلام وعلي ابن أبي طالب وهما الحسن والحسين والسيدة زينب.

ويصفها “عبد اللطيف” بأنها من أكثر المسارات المليئة بالبركة والنور، حيث تضم القاهرة عدد كبير من الأضرحة والمقامات الشريفة التي تؤول إلى أولياء الله الصالحين أو آل البيت. وإن أكّد أن أغلبها نصب تذكارية للعظة.

موضحا أن المسار يبلغ طوله حوالي ٢ كيلومتر ويضم شوارع بورسعيد وعبد المجيد اللبان والأشراف، والخليفة.ويحوي عدة مواقع أشهرها مسجد السيدة زينب ، ومسجد ابن طولون، بيت ساكنة باشا، ومسجد السيدة سكينة، قبة شجرة الدر، قبة عاتقة والجعفري، ومسجد السيدة رقية، ومسجد السيدة نفيسة.

كما كشف “عبد اللطيف” عن ملامح طريق الحج المصري الذي ارتبط بصناعة كسوة الكعبة التي يقوم أهل مصر بنسجها وخياطتها بأنفس المنسوجات منذ عصر الفتح الإسلامي والتي ظلت تخرج من مصر حتى عام 1962.

ومسار كسوة الكعبة اطلقوا عليه اسم “المحمل”وهو الطريق الذي اتبعه الحجاج وكل القادمين من الغرب وشمال أفريقيا وعبروا ارض مصر كي يصلوا في نهاية المطاف إلى أرض الحجاز ومكة المكرمة.

وفيه تركوا ذكراهم ومريديهم حتى اليوم، وباتت مساراتهم مباركة ومتوارثة عبر الأجيال.

كما تتبع الدكتور “عبد اللطيف” تلك المسارات الإنسانية المحملة بأنفاس العابرين والتي ينظر إليها أهل مصر على أنها مرآة للروحانية وذاكرة دينية مقدسة وجب تتبعها.

كما كشف عن أسرار بعض الأسماء التي أطلقها المصريين على بعض الطرق مثل الدرب الأحمر ، الدرب الأصفر وغيرها من حكايات القاهرة المحروسة.

وعبر حوار مفتوح شارك عدد من الحاضرين بتعليقاتهم وأسئلتهم حول الاهتمام بالبيئة المحيطة بالمناطق الأثرية والتاريخية خاصة وسط القاهرة الإسلامية ، وإمكانية تنمية الوعي بين سكانها للحفاظ عليها من التعديات وسوء الاستغلال.

وشارك في الحوار الدكتور جمال مصطفى مستشار وزير السياحة والآثار ومدير مركز إبداع قصر الأمير طاز حول المشروع الذي تقوم به الدولة المصرية من أجل تطوير مدينة القاهرة خاصة القاهرة الإسلامية، والخديوية . مشيرا إلى الجهود المبذولة وخطط التنمية والتطوير التي تشملها. وإن أكد أن الدولة تراعي ظروف سكان المناطق الخاضعة للتطوير مما تسبب في بطء عمليات التنفيذ.

وفي نهاية الحوار المفتوح الذي شارك فيه الحضور أكد الصالون على أهمية وضع الآثار الدينية والتاريخية سواء إسلاميه أو قبطية أو يهودية على خريطة السياحة العالمية أملا في اجتذاب أعداد أكبر من الزوار الأجانب الذين اعتادوا القدوم إلى مصر للاستمتاع بالآثار المصرية القديمة.

وتأتي الفعالية الجديدة ضمن مساعي صالون نفرتيتي الثقافي لتعزيز الوعي بالهوية وربط الحاضر بالحضارة المصرية وتراثها الانساني. وفي سبيل ذلك يقوم بتنظيم فعاليات شهرية تهتم بقضايا التراث والفنون والإبداع عبر حوار ات ثقافية فكرية تحت إشراف كل من الإذاعية وفاء عبد الحميد والصحافيات مشيرة موسى وكاميليا عتريس وأماني عبد الحميد.