*بيان من الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط:
في هذا اليوم العالمي للعمل الإنساني، نجتمع لنُقدّر التفاني الذي لا يتزعزع والتعاطف من جانب المجتمعات المحلية والعاملين في المجال الإنساني والعاملين في الرعاية الصحية الذين يخدمون المحتاجين في جميع أنحاء العالم دون كلل.
ويتردد صدى شعار هذا العام “مهما كانت الظروف” بقوة ونحن نتأمل التحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني الواقعون في براثن الأزمات وجهودهم الرائعة للتخفيف من معاناة مَن حولهم.
ويتزامن اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام مع أزمات وطوارئ لم يسبق لها مثيل في العالم، ويشهد إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أكثر تلك الأزمات والطوارئ بروزًا.
فقد ارتفع عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في الإقليم ارتفاعًا كبيرًا بنسبة بلغت 91% منذ عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 والنزاعات والنزوح.
وهناك 127 مليون شخص في إقليمنا يحتاجون حاليًا إلى المساعدات الإنسانية، وهو ما يمثل 37% من المحتاجين إلى المساعدات على مستوى العالم. وفي السودان، ارتفع عدد المحتاجين إلى المساعدات بنسبة 57% منذ نيسان/أبريل 2023 نتيجة للحرب. وتشهد ثمانية بلدان – هي أفغانستان والعراق وليبيا والأرض الفلسطينية المُحتَّلة والصومال والسودان وسوريا واليمن – بالفعل أزمات ممتدة تفاقمت بسبب الصراع المسلح ونزوح السكان وفاشيات الأمراض والجوع والكوارث الطبيعية.
والأهم من ذلك أننا استجبنا في عامي 2022 و2023 لخمس من أكبر 10 كوارث طبيعية في العالم، بما في ذلك حالات الجفاف والفيضانات الهائلة والزلازل في القرن الأفريقي الكبير وباكستان وسوريا وأفغانستان.
ويشهد اثنا عشر بلدًا من بلدان الإقليم البالغ عددها 22 بلدًا صراعات مسلحة أدت إلى زيادة عبء الإصابات الشديدة والنزوح والهجمات على مرافق الرعاية الصحية. ونتيجةً للحرب في السودان، يكافح النظام الصحي الذي لحق به الدمار من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة باستمرار، وتواجه الفئات السكانية المُستضعَفة بالفعل تحديات تتعلق بالنزوح وانعدام الأمن الغذائي وفاشيات الأمراض الدائرة.
وفي عام 2023، يواجه الناس في إقليمنا تهديدًا يتمثل في وقوع 49 فاشية للأمراض، منها الكوليرا والحصبة وكوفيد-19 وغيرها من طوارئ الصحة العامة التي تثير قلقًا دوليًا.
ويُسهم تَعطُّل النُظُم الصحية في زيادة معدلات الاعتلال والوفيات بسبب الأمراض المُعدية وسوء التغذية ومضاعفات الولادة والأمراض غير المُعدية.
ويتزايد عبء هذه الطوارئ على المجتمعات المحلية والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية والعاملين في مجال الرعاية الصحية، مما يضطرهم إلى العيش والعمل في ظل ظروف بالغة الصعوبة.
ولكن على الرغم من هذه التحديات الهائلة، فإنها لا تزال تُظهر روح التضامن والقدرة على الصمود التي ترسم ملامح إنسانيتنا المشتركة. فمن إطلاق مبادرات مجتمعية وتطوعية لدعم الاستجابة الصحية، وتوفير الرعاية الطبية الحيوية والتغذية، إلى توفير المياه النظيفة والوقود للمرافق الصحية، تنقذ المساهمات التي تتسم بإنكار الذات من جانب العاملين في مجال المساعدات الإنسانية وفي مجال الرعاية الصحية في إنقاذ الأرواح وبعث الأمل في أحلك الأوقات.
وبينما نحتفل بهذا اليوم، دعونا نحتفي أيضًا بذكرى أولئك الذين فقدوا أرواحهم في سعيهم لمساعدة الآخرين. ولنُعرب أيضًا عن امتناننا العميق للشُجعان الذين يواصلون العمل في الخطوط الأمامية في ظروفٍ صعبةٍ في كثيرٍ من الأحيان. فتفانيهم دليلٌ على عُمق الشفقة والأثر الذي يمكن أن يُحدِثه العمل الإنساني في حياة الملايين.
ولا يزال التزام المنظمة بدعم المبادرات الإنسانية التي تعطي الأولوية للصحة والعافية التزامًا راسخًا. ونحن نقف جنبًا إلى جنب مع مانحينا وشركائنا لتوفير الإمدادات الطبية الأساسية والخبرات والموارد اللازمة للاستجابة لحالات الطوارئ وبناء نُظُم صحية قادرة على الصمود.
ويواصل موظفونا العمل على أرض الواقع في حالات الطوارئ المتعددة في الإقليم، ويعملون دون كلل لضمان استمرار إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية، مهما كانت الظروف، بما يتماشى مع شعار اليوم العالمي للعمل الإنساني لهذا العام.
وفي هذه المناسبة، دعونا نجدد التزامنا بمسؤوليتنا المشتركة عن التمسك بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال. ومن خلال العمل جنبًا إلى جنب، وفي ظل رؤيتنا الإقليمية “الصحة للجميع وبالجميع”، يمكننا بناءَ عالمٍ أكثر عدلًا وإنصافًا نحافظ فيه على حق كل فرد في الصحة والعافية.