بقلم: أ.د/ شريف صلاح محمد
أستاذ التغذيه العلاجيه التطبيقيه – المركز القومي للبحوث
بسم الله الرحمن الرحيم
“وجعلنا من الماء كل شيء حي” صدق الله العظيم
الماء هو السائل الذي تقوم عليه عماد الحياة في الأرض، وهو في نقائه شفاف لا لون له ولا طعم ولا رائحة. يعد الماء مكوناً مهماً من المكونات الهيكلية للجلد، والغضاريف، والأنسجة، والأعضاء، ويعتمد كل عضو من أعضاء جسم الإنسان على الماء. بالإضافة لكون الماء المكون الأساسي للجسم، فهو يشكل ما نسبته:
85% من الدماغ.
90% من الدم.
75% من العضلات.
82% من الكلى.
22% من العظام.
يكون محتوى الماء في الجسم لدى الرضع في أعلى مستوياته، حيث يشكل الماء 78% من أجسامهم، وتقل هذه النسبة بعد عام من الولادة لتصل إلى 65%. وتحتوي أجسام الذكور كذلك على كمية أكبر من المياه مقارنة بأجسام الإناث.
تؤكد العديد من الدراسات أهمية شرب الماء بانتظام على مدار اليوم خاصة قبل الوجبات لترطيب الجسم وتخفيف الوزن والوقاية من الأمراض، وعموما يحدد المختصون مقدار ما يحتاجه الإنسان من الماء يوميًا بلترين كحد أدنى.
إلا أن كثيرين يساورهم القلق على صحتهم بسبب الامتناع عن تناول الماء خلال ساعات الصوم التي تمتد منالفجر إلى المغرب، وما ينبغي أن يتناولونه خلال ساعات الإفطار لتعويض أي نقص!!!
فما هي الكمية التي يحتاجها الجسم من الماء بعد الإفطار؟ وما التوزيع المثالي لتلك الكمية بين الإفطار وحتى السحور؟ وما أفضل العصائر الطبيعية التي يُنصح بالاعتماد عليها في ساعات الإفطار لمد الجسم بالعناصر الغذائية المطلوبة؟
نطمئن الصائمين بأنه لا داع للقلق، وأنه يمكن تعويض ما يحتاجه الجسم من الماء خلال ساعات الإفطار بمعدل من 10 إلى 12 كوباً يوميًا لتعزيز المناعة ومنع جفاف الجسم.
لكن…حموضة المعدة!!
عند الإفطار بتناول كوب من الماء مضافًا إليه نعناع مع قطرتين من الليمون، هذا المشروب قلوي يعمل على معادلة حموضة المعدة بعد الصيام والتي تعمل على قلة حرق الدهون وتضعف المناعة.
مع ضرورة أن لا تقل كمية السوائل التي يتناولها الإنسان البالغ عن لترين يوميًا، حيث أن هذه الكمية تعمل على إزالة الدهون والسموم الموجودة في أجسامنا، كما تسهل عملية الهضم، وتمنع الإمساك وتحافظ على نضارة البشرة وإشراقة الوجه وتعزز الصحة بصفة عامة، كما تسهل انتقال الفيتامينات إلى جميع أطراف الجسم ومن ثم تنشيط الدورة الدموية.
يجب أن نوضح حقيقه هنا… أسوأ ما يتعرض له الجسم هو فقدان الشعور بالعطش، ومن ثم الحصول على قدر أقل مما يحتاجه الجسم، الأمر الذي يفتح الباب أمام زيادة الوزن، فضلا عن مشكلات صحية عديدة.
ما كمية المياه التي ينبغي تناولها كل يوم؟
الماء مكوّن أساسي ليتمتع الجسم بصحة جيدة.
لكن احتياجاتك الفردية من المياه تعتمد على العديد من العوامل، منها صحتك ومدى نشاطك والمكان الذي تعيش فيه.
فليست هناك تركيبة واحدة تناسب الجميع. رغم ذلك فإن معرفة المزيد عن احتياجات جسمك من السوائل من شأنه أن يساعدك في تقييم كمية الماء التي يتعين عليك شربها كل يوم.
ما مقدار الماء الذي يحتاج إليه الشخص؟
يفقد الإنسان الماء كل يوم عبر التنفس والتعرق والتبول والتبرز. ولكي يتمكن الجسم من أداء وظائفه على النحو السليم، فلا بد من إعادة محتواه من الماء عن طريق تناول مشروبات وأطعمة تحتوي على الماء.
إذن، فما كمية الماء التي يحتاج إليها الشخص العادي السليم صحيًا البالغ الذي يعيش في مناخ معتدل؟
حددت الكثير من التوصيات الدوليه أن كمية السوائل الكافية التي ينبغي تناولها يوميًا:
15.5 كوبًا تقريبًا (3.7 لترًا) من السوائل يوميًا للرجال
11.5 كوبًا تقريبًا (2.7 لترًا) من السوائل يوميًا للنساء
وتشمل هذه التوصيات جميع السوائل كالماء وغيره من المشروبات والأطعمة. تأتي نسبة 20% تقريبًا من كمية السوائل اليومية عادةً من الطعام وتأتي النسبة الباقية من المشروبات.
ماذا عن النصيحة بشرب 8 أكواب من الماء في اليوم؟
ربما تكون قد سمعت نصيحة بشرب ثمانية أكواب من الماء يوميًا. وهوهدف معقول ويسهل تذكره.
يستطيع أغلب الأصحاء الحفاظ على رطوبة أجسامهم بشربهم الماء وغيره من السوائل كلما شعروا بالعطش. وقد يكون أقل من ثمانية أكواب في اليوم أيضًا مناسبًا لصحة البعض. لكن غيرهم قد يحتاجون إلى شرب المزيد.
ربما تحتاج إلى تعديل كمية السوائل الإجمالية التي تتناولها بناءً على عدة عوامل:
ممارسة الرياضة. إذا مارست أي نشاط يسبب العرق، فإنك تحتاج إلى شرب المزيد من الماء لتعويض كمية السوائل المفقودة. من المهم شرب الماء قبل ممارسة التمارين الرياضية وفي أثنائها وبعدها.
البيئة. قد تسبب حرارة الجو أو رطوبته العرق، وهو ما يستلزم شرب كمية إضافية من السوائل. وقد يصيب الجفاف الجسم أيضًا في الأماكن المرتفعة عن سطح الأرض.
الحالة الصحية العامة. يفقد جسدك السوائل عندما تصاب بالحمى أو القيء أو الإسهال. اشرب المزيد من الماء أو اتبع نصيحة الطبيب بشرب محاليل تعويض السوائل. من الحالات الأخرى التي قد تستلزم زيادة كمية السوائل المتناولة أنواع عدوى المثانة وحصوات المسالك البولية.
عموما لكي نحسم مشكلة كمية الماء بطريقه علميه… يجب علينا أولا حساب كمية السعرات الحراريه التي نتناولها يوميا (كيلو كالوري/ اليوم) و كل كيلو كالوري واحد نشرب مقابل له واحد ملي ماء..
مثال: لو نفرض شخص بالغ يتناول يوميا3000 كيلو كالوري/ اليوم يجب أن يشرب 3000 ملي من الماء/ اليوم (3 لتر/ اليوم).
الحمل والرضاعة الطبيعية: تحتاج النساء الحوامل أو المرضعات إلى تناول المزيد من السوائل للحفاظ على مستوى الترطيب في أجسامهن
ما فوائد الماء للصحة؟
يلعب الماء دوراً مهماً في مختلف العمليات الحيوية، كما يعد ضرورياً لتنظيم توازن الأملاح والكهرل (electrolytes) بين داخل الخلية وخارجها. تتلخص أهمية الماء لجسم الإنسان في الوظائف التالية:
- تنظيم درجة حرارة الجسم عن طريق عملية التعرق، والتي تبرد الجسم في درجات الحرارة المرتفعة، أو عند بذل مجهود بدني كبير. يساعد شرب الماء كذلك على تعويض الماء والأملاح التي يتم طرحها مع العرق.
- المساهمة في التخلص من السموم والمواد الضارة في الجسم بوساطة الكلى وعمليتي الإخراج والتعرق. بالإضافة لذلك، يساعد شرب المياه بكميات مناسبة على تحسين كفاءة الكلى ووقايتها من الأمراض.
- تكوين اللعاب، والذي يحتوي على الإنزيمات والمواد الضرورية لهضم الطعام وحماية الفم.
- حماية المفاصل والحبل الشوكي، وذلك عن طريق إحاطتهما بسائل زلق يعمل كوسادة لتسهيل الحركة والوقاية من التهاب المفاصل. يساعد الماء كذلك على حماية الدماغ عن طريق السائل الشوكي.
- المساهمة في تحسين عملية هضم الطعام، وذلك عند شرب الماء قبل، وأثناء، وبعد تناول وجبات الطعام.
- المساعدة على امتصاص المعادن، والفيتامينات، والمواد الغذائية من الطعام، ونقلها إلى كافة أجهزة الجسم. يسهل الماء بهذه الطريقة الحصول على الفائدة القصوى من الأطعمة المختلفة.
- تحفيز عمليات الأيض في الجسم، حيث يساعد شرب 500 مليلتر مكعب من الماء على رفع معدل الأيض في الجسم بنسبة 30%. تمد عمليات الأيض الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بالأنشطة اليومية، وتساعد على حرق الدهون.
- تحسين الأداء الذهني ووظائف الدماغ، بما يشمل تحسين المزاج، والتركيز، والذاكرة.
- نقل الأكسجين إلى كافة أرجاء الجسم عن طريق الدورة الدموية، حيث يعد الماء المكون الرئيسي للدم.
- المحافظة على ضغط الدم ضمن مستوياته الطبيعية.
- ترطيب الأنف والعينين.
هل الماء هو الخيار الوحيد للحفاظ على رطوبة الجسم؟
لا. ليس عليك الاعتماد على الماء فقط لتلبية احتياجات جسمك من السوائل. فما تأكله أيضًا يوفر لك جزءًا مهمًا. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة الماء في الكثير من الفواكه والخضراوات مثل البطيخ والسبانخ 100% تقريبًا.
وكذلك تتكون مشروبات مثل الحيب والعصير وأنواع شاي الأعشاب بصفة أساسية من الماء. بل حتى المشروبات المحتوية على الكافيين – كالقهوة والصودا – يمكنها أن تسهم في محتوى الماء الذي يدخل إلى جسمك يوميًا. لكن حاول أن تكون معتدلاً في تناول المشروبات المحلاة بالسكر. فالمشروبات الغازية العادية، ومشروبات الطاقة أو المشروبات الرياضية، وغيرها من المشروبات المحلاة تحتوي عادة على كمية كبيرة من السكر المضاف الذي قد يُمد جسمك بكمية من السعرات الحرارية أكبر مما تحتاج.
كيف أعرف ما إذا كنت أشرب ما يكفي من السوائل أم لا؟
تكون كمية السوائل التي تتناولها كافية – على الأرجح – في الحالات التالية:
إذا كنت نادرًا ما تشعر بالعطش
إذا كان البول عديم اللون أو بلون أصفر فاتح
يستطيع طبيبك أو اختصاصي التغذية مساعدتك في تحديد كمية المياه المناسبة لك يوميًا.
لمنع الجفاف والتأكد من احتواء جسمك على السوائل التي يحتاجها، اجعل الماء مشروبك المفضل. من المستحسن أن تشرب كوبًا من الماء في الأوقات التالية:
مع كل وجبة وبين الوجبات
قبل ممارسة التمارين الرياضية وبعدها
عندما تشعر بالعطش
هل عليّ القلق بشأن شرب كميات من الماء أكثر مما ينبغي؟
نادرًا ما يسبب شرب الكثير من الماء مشكلة بالنسبة إلى البالغين الأصحاء الذين يحصلون على تغذية جيدة. وفي بعض الأوقات يشرب الرياضيون كميات كبيرة من الماء في محاولة للوقاية من الجفاف بعد ممارسات التمارين العنيفة.
لكن عندما تشرب كميات من الماء أكبر من اللازم، لا تتمكن كليتاك من التخلص من المياه الزائدة. ومن ثم يصبح محتوى الصوديوم الموجود في دمك مخففًا. ويطلق على هذه الحالة نقص الصوديوم، وهي من الحالات التي قد تهدد سلامة الحياة.
كل عام أنتم بخير.. رمضان كريم