إكسري التحيز

بقلم/ ماجدة محمود

فى عام 1856، خرجت آلاف النساء إلى شوارع مدينة نيويورك للاحتجاج على الظروف غير الإنسانية التى كن يجبرن على العمل تحتها، حيث كان يعمل الرجال فى اليوم لمدة 10 ساعات، وفى المقابل تعمل النساء لمدة 16 ساعة، وكان لتدخل الشرطة بطريقة وحشية من أجل تفريق المتظاهرات رد فعل عكسى زاد من إصرار النساء على المضى فى المطالبة بحقوقهن ما أدى إلى نجاحهن فى دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.

وفى 8 مارس 1908 عادت الآلاف من عاملات النسيج، وكررن نفس المشهد، ولكن هذه المرة حملن فى أيديهن قطعا من الخبز اليابس وباقات الورود فى خطوة رمزية لها دلالتها، واخترن لحركتهن الاحتجاجية شعار «خبز وورود»، مطالبات بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.مظاهرات الخبز والورود شكلت بداية حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى الموجة المطالبة بالمساواة والإنصاف، ورفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية على رأسها الحق فى الانتخاب، وتخليدا لهذا اليوم تم الاحتفال به لأول مرة كيوم للمرأة الأمريكية عام 1909.حراك نساء أمريكا دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة، يوم واحد فى السنة للاحتفال بها على الصعيد العالمى بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة، وبالفعل صار الثامن من مارس يوما عالميا، ومن وقتها وحتى الآن وما زالت قضية المساواة بين الجنسين مثار شد وجذب ومطالبات رغم أن ميثاق الأمم المتحدة الصادر فى عام 1945 أكد مبدأ المساواة بين الجنسين.

الدليل على أن مسألة المساواة ما زالت بحاجة إلى المزيد من العمل حتى الآن، هو إقامة احتفالية اليوم “الافتراضية” فى الدورة السادسة والستين للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة بعنوان “المساواة المبنية على النوع الاجتماعى، اليوم من أجل غد مستدام”، وذلك للاحتفال بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمرأة، كما أنه يعد بمثابة دعوة للعمل من أجل تسريع التكافؤ بين الجنسين، ورفع مستوى الوعى حول تمكين المرأة اقتصاديا، تعليميا، صحيا، واجتماعيا، وكسر التحيز الذى يعرف بأنه “التحامل مع أو ضد شخص أو مجموعة، على الأخص بطريقة تعتبر غير عادلة”، وتعمل احتفالية اليوم الافتراضية على دعوة النساء والفتيات إلى التحدث عن كل أنواع التحيز الذى يمارس ضدهن والحث على التصدى له.ودعما لنساء وفتيات مصر، شاهدنا على مدار السنوات الماضية صدور حزمة من التشريعات لحمايتهن من العنف، وقرارات بتمكينهن، وآخر هذه المشاهد جلوس القاضية المستشارة “رضوى حلمى” على منصة مجلس الدولة بعد 73 عاما من الحرمان واعتبار هذا اليوم الخامس من مارس عيدا للقاضية، ولولا إيمان الرئيس السيسى بقدرات المصرية لكانت حبيسة جدران مجتمع لا يؤمن بإمكاناتها وعطاءاتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *