الموقع تقع بحي مصر القديمة بجوار المتحف القبطي المجاور للكنيسة المعلقة وبالقرب من جامع عمرو بن العاص.
قصة القديس ” مارجرجس “، بداية القديس مارجرجس هو أحد أشهر شهداء المسيحية وقد سُميت الكنيسة نسبة اليه ؛ ولد في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي، من أبوين مسيحيين من سلالة الملوك والأثرياء فهو ابن الأمير ” أناسطاسيوس” حاكم مدينة “ملاطية”، والتي توجد شرق بلدة كابادوكيا في آسيا الصغرى، والأميرة “ثيؤبستي” ابنة الأمير “ديونسيوس” حاكم مدينة “اللد” في فلسطين، توفي والده وهو في العاشرة من عمره وعادت به أمه إلى فلسطين ،
وعندما وصل إلى فلسطين اعتنى به حاكمها “بسطس”، وفي عمر الـ17 التحق بالجندية، وفي وقت قصير صار قائدا لخمسة آلاف جندي رغم صغر سنه ولكن لخبرته قد أجاد الأدب والقانون وعلوم الكنيسة، كما أجاد اللغة اليونانية بالإضافة إلى فروسيته التي وصل صيتها إلى الحاكم الروماني فمنحه لقب الأمارة وبعد وفاة “بسطس” ذهب مارجرجس إلى مدينة صور في لبنان لمقابلة الإمبراطور “داديانوس” حاكم فينيقيا الفارسي، ليطالبه بأحقيته في حكم فلسطين ؛
وبمجرد وصوله إلى صور وجد أهلها من المسيحيين يخفون مسيحيتهم خوفًا من الإمبراطور الذي أصدر المراسيم ضدهم فتوجه مباشرة إلى قصر الإمبراطور ليجد المرسوم معلقا على الحائط ” اهدموا الكنائس، افصلوا وعذبوا واقتلوا كل من يعتنق المسيحية ..” تلك العبارات الدموية كانت بعض من الأوامر التي أعلنها “داديانوس” في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي، ذلك المرسوم الاضطهادي كان نقطة فارقة في حياة القديس “مارجرجس”،
وعندما واجه الإمبراطور حاول في البداية إغرائه لكنه رفض مما أمر الإمبراطور بسجنه وتعذيبه وبدأت رحلة العذاب التي لم تكن بسيطة أو قصيرة، فقد استمرت لحوالي٧ سنوات كاملة انتقل فيها من مرحلة إلى مرحلة أشد وأقصى فبدءوا بتشويهه ثم ألبسوه حذاءًا من حديد ممتلئ بالمسامير وربطوه في خيل غير مروض قامت بسحله وعذبوه بشفرات حادة قطعت لحمه كما صبوا الرصاص الساخن في فمه ووضعوه على عجلة كبيرة فيها مناجل وسيوف حادة، عُرفت هذه الآلة بـ”الساحقة”، وأداروها لتسحق عظامه وأخيرا أمروا بقطع رأسه في 23 مايو عام 263 م
وبعد استشهاده بحوالي أربعة قرون رأى الراهب القمص مرقس رئيس دير القلمون رؤية للشهيد يأمره فيها بنقل رفاته التي تحملها امرأة قادمة من كنيسة الشهيد في فلسطين، ويضعها في كنيسته بمصر القديمة، وعندما تحقق الحلم شيدت تلك الكنيسة في القرن السابع الميلادي، ورغم إنها واحدة من بين 371 كنيسة تحمل نفس الاسم في مصر، إلا إنها الوحيدة التي شيدت بشكل دائري على الطراز الروماني، والغريب أن تقسيماتها الداخلية تشبه شوارع بيت لحم في فلسطين، لكن الحريق الذي أصابها منذ ما يقرب من مئة عام أزال أغلب معالمها.
وصف الكنيسةأنشأها أحد الأثرياء يُدعي “اثناسيوس”، وذلك في عام 684 ميلادية، وفي بداية مدخل الكنيسة نمر على فناء واسع ممتلئ بالأشجار ويوجد السلم الذي يؤدي لصحن الكنيسة و علي اليسار غرفة تسمي بغرفة “التعذيب” والتي سُميت بهذا الإسم لأنها تضم بعض الآلات التي استخدمت في تعذيب القديس مارجرجس، منها الصليب والمسامير الثلاثة وأكليل الشوك والسلاسل الحديدية، وبعض من الصور التي تظهر مراحل التعذيب البشع التي تعرض لها، داخل تلك الغرفة توجد غرفة أصغر تشبه الكهف، يقال إنه سُجن بها عندما كان في مصر، بهذه الغرفة فتحات صغيرة توضع فيها أوراق أماني الزائرين المصريين والأجانب من الأرثوذكس ، وقد عُرف ذلك القديس بتلبية رغبات زائريه وأمانيهم حتى إنهم أطلقوا عليه “سريع الندهة” .
تتألف الكنيسة من صحن وجناحين ودهليز، والصحن أشبه بقاعة واسعة مربعة الشكل، على أركانه أربعة أعمدة كبيرة، يرتكز عليها أربع عقود تشكل نصف دائرة، كان يوجد وسط الصحن مغطس كبير، لم يعد له أي أثر بعد ردمه وتركيب بلاط جديد لأرضية الكنيسة، وفي شرق الصحن ثلاثة هياكل مربعة، يعلوا كل هيكل منها قبة عالية حول كل واحدة منها أربع نوافذ، أما الهيكل الأوسط فيوجد فوق مذبحه قبة خشبية توضع على أربعة أعمدة من الرخام المصقول، وداخل القبة رسما لنبي الله عيسى وهو متربعا على العرش وتقف حوله الملائكة.
تحمل الهياكل الثلاثة 14 صورة للملائكة والرسل والقديسين، و الهيكل الأوسط وهو أكبرهم حجما، فتوجد به صورة قديمة تمثل نبي الله عيسى، بالإضافة إلى إنه خصص لإسم القديس “مارجرجس”، أمام كل مذبح من مذابح الهياكل الثلاثة توجد سلالم على شكل نصف دائري، تقود إلى غرفة تحت الأرض بها مياه مقدسة، في مواجهتهم مجموعة من الأيقونات القديمة التي تمثل السيدة مريم تحمل نبي الله عيسى، بالإضافة إلى بعض الصور المنقوشة على الخشب، والتي تمثل عمليات الدفن والقيامة، وبعض الرموز المسيحية التي تعرضت للتلف بفعل الزمن والرطوبة.وفي منتصف الكنيسة يوجد إنبل أقيم حديثًا، مكون من 13 عمود، وبجانب الانبل ناحية الغرب مقصورة صنعت من خام الموارنيك الأحمر الذي يشبه حجر الجرانيت،
بها صورة حديثة للقديس مارجرجس صنعت من الذهب والفضة.يوجد أيضا أيقونة نادرة للسيدة مريم سُميت بـ”عذراء القاهرة”، بعدما كانت تُعرف بـ”عذراء أثينا”، وأيقونات من الخشب المغطى بالقطيفة يوجد بها رفات القديسين القدماء من بينهم رفات مارجرجس، ما جعل من الكنيسة مقصدا للكثير من الزوار الذين يرغبون في الشفاء من الأمراض، أو الحصول على البركة وتحقيق الأماني؛بجوار الجدار الجنوبي للكنيسة، توجد مقصورة بداخلها صورة لأحد القديسين،
أما في منتصف الجدار نفسه فتوجد صورة أخرى تمثل القديسة “دميانة”، تليها صورة للقديس “مارجرجس” وهو يمتطي جواده ويسدد حربة يطعن بها التنين، وفي نهاية الجدار صورة أخرى لـ”مارجرجس” توضح مراحل تعذيبه حتى الموت ؛ وتضم الكنيسة برجًا يدعى برج الأجراس، يبلغ ارتفاعه 30 م.