لواء دكتور/ سمير فرج
أصدرت منظمة جلوبال فاير باور “Global Firepower”، تقريرها السنوي، لترتيب مراكز القوى العسكرية في العالم، وهو التقرير الذي ينتظره الجميع في هذا التوقيت، من كل عام، لتقوم الدول والحكومات بوضع تصوراتها الاستراتيجية، للفترة القادمة، من خلال تحليل موازين القوى العسكرية، للدول المجاورة، والعدائيات المنتظرة. خرج تقرير هذا العام، تحت عنوان “القوى العسكرية العالمية 2023″، مصنفاً مراكز 145 دولة في العالم؛ فاحتلت الولايات المتحدة المركز الأول، تلتها روسيا، والصين، والهند، وإنجلترا، وكوريا الجنوبية، وباكستان، واليابان، وفرنسا، وإيطاليا.
واحتلت مصر المركز الرابع عشر، عالمياً، والأول على مستوى الدول العربية والأفريقية، ويرجع سبب امتلاك مصر لتلك القوة العسكرية الهائلة، إلى عدة أسباب، أولها أن لها أربعة اتجاهات استراتيجية؛ تبدأ بالاتجاه الشرقي من ناحية سيناء، والغربي باتجاه ليبيا، والجنوبي المؤثر على حركة الملاحة بقناة السويس، وأخيراً الشمالي، باتجاه البحر المتوسط، ولأول مرة، في تاريخ مصر، تُهدد كل هذه الاتجاهات، في ذات الوقت، خاصة من الأعمال الإرهابية.
أما السبب الآخر، فيرجع لضرورة تأمين الأهداف الاقتصادية، والاستثمارية المصرية، وعلى رأسها حقول البترول، والغاز، في البحر المتوسط، ثم تأمين قناة السويس في اتجاه البحر الأحمر، الذي يتطلب وجود قوات أسطول بحري شمالي، وقاعدة 3 يوليو البحرية لتأمين اتجاه البحر المتوسط، ثم أسطول بحري جنوبي وقاعدة برنيس البحرية على البحر الأحمر، لتأمين المجرى الملاحي لقناة السويس.
ولنا فيما حدث في لبنان عبرة، عندما استولت إسرائيل على البلوك رقم 9، في المياه الاقتصادية اللبنانية، وتقوم، حالياً، باستخراج الغاز من حقل كاريش اللبناني، وتصدره لدول أوروبا، لحسابها، فضلاً عن اقتسام أرباح حقل قانا، الموجود في المياه الاقتصادية اللبنانية، وذلك بعد الوساطة الأمريكية، لحل هذا النزاع. وفي الوقت الذي تستورد فيه لبنان الغاز من مصر، لسد احتياجاتها، تجد إسرائيل تستغل ثروات لبنان، وذلك بسبب ضعف القوات العسكرية اللبنانية، وعدم قدرتها على حماية ثروات الشعب اللبناني.
وليس معنى وجود قوة عسكرية قوية هو الدخول في حرب، ولكنها قوة ردع لأي معتدٍ قد تسول له أهدافه الخفية، تهديد الأمن القومي المصري، على أية من اتجاهاته الاستراتيجية، ولمنع أي قوة، مهما كان حجمها من تهديد استثماراتنا في البحرين المتوسط والأحمر. وهكذا ستستمر مصر، دوماً، في تعزيز قدرات قواتها المسلحة، ورفع كفاءتها، لتأمين حدود البلاد، واستثماراتها، كهدف رئيسي لتحقيق الأمن القومي المصري.