ان قانون الاحوال الشخصية من القوانين التي تلعب دورا مهما وشديد الخطورة في تحديد العلاقات الاجتماعية باعتباره القانون الشد صلة بالحياة اليومية للمواطنين والمواطنات والأكثر قربا وتأثيرا في الوحدة الاساسية للمجتمع والمتمثلة في الأسرة، فهو القانون الذي يحكم شئون الاسرة والعلاقة بين اطرافها محددا حقوق وواجبات كل من افرادها وعلاقاتهم ببعضهم البعض ، كما يضبط امور الزواج والطلاق ورعاية الاطفال والامور المالية سواء اثناء العلاقة الزوجية او الناتجة عن الطلاق، كما أنه من ناحية اخرى يكشف عن وضع المرأة في الترتيب الاجتماعي والتي تمثل اوضاع شديدة الحساسية قد يعتبر مؤشر على مبادئ حقوق الانسان المتعلقة بها.
وكثر مؤخرا لغط حول بنود نسبت الى قانون الاحوال الشخصية الجديد المزمع مناقشته بما تسبب في جدال واستنكار بين العديد من المصريين. لذا نقوم اليوم بعرض احد مشروعات القانون الذي تم اقتراحه من مؤسسة قضايا المرأة.
وقد عقدت مؤسسة قضايا المرأة المصرية اليوم الثلاثاء الجاري مائدة حوار حول قوانين الأحوال الشخصية في إطار مشروع قانون أكثر عدالة للأسرة والممول من الاتحاد الأوروبي؛ تحدث بالمائدة كل من نشوى الديب عضوة مجلس النواب، وعزة سليمان رئيسة مجلس الامناء بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، والدكتورة فيروز كراوية الكاتبة والباحثة فى علم الاجتماع.
وتوضح عزة سليمان رئيس مجلس أمناء مؤسسة قضايا الدولة المصرية أن مقترح مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي تقدمت به يستند إلى مبادئ حقوق الانسان بشكل عام وحقوق النساء والاطفال بشكل خاص داخل الدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعت وصدقت عليها مصر ؛ اعتبارا بالاخذ بمبادئ الشريعة الاسلامية القائمة على العدل والمساواة والانصاف وكذلك الاراء الفقهية المستنيرة، واعتمادا على المسئولية المشتركة للاسرة بين الزوجين اثناء العلاقة الزوجية وكذلك بعد انفصاللهما عن طريق المسئولية المشتركة على الاطفال.
كما ان مقترح مشروع القانون جعل الولاية حقا للمرأة الرشيدة تمارسه وفقا لاختيارها ومصلحتها.
وأضافت انه تم عقد ورش عمل متخصصة مع القوانين للخروج بأهم الاشكاليات والثغرات داخل قوانين الأحوال الشخصية الحالية بلإضافة إلى الوقوف على أهم إشكاليات وعيوب تنفيذ الأحكام والأسباب، كما تم عمل لجنة قانونية من محامين بالنقض والقضاة للعمل على صياغة مقترح القانون.
وتم عقد اجتماعات مع متخصصين في علم النفس والاجتماع والاقتصاد للوقوف على الآثار المختلفة التي يسببها عوار واشكاليات قوانين الاحوال الشخصية، وعقد ورش متخصصة مع القانونيين والأئمة وقيادات المجتمع المدني لعرض المسودة الأولى للمقترح وأخذ الملاحظات وإعادة الصياغات.
كما تم الاطلاع عى تجارب الدول العربية والاسلامية التي قامت بادخال تعديلات على قوانينها الشخصية والتي تعد قفزة نوعية في حقوق الاسرة بشكل عام والمرأة والطفل بشكل خاص؛ والاعتماد على الخبرات السابقة وعدم اهمالها وذلك خلال مراجعة قوانين الاحوال الشخصية المصرية سابقة الاصدار والأخذ بأفضل ما فيها وبما يحقق المصلحة الفضلى للجميع نساء ورجال وأطفال.
وأضافت عزة سليمان انه تم عمل واصدار الدراسات النوعية سواء شرعية واجتماعية واقتصادية ونفسية من قبل متخصصين لتدعيم التغيرات المطلوبة داخل المقترح موضحة انه جرى عقد ندوات في محافظات مصر وذلك من خلال عرض المسودة الثانية من مقترح القانون وعرضها على الفئات النوعية المختلفة بما فيها أصحاب المصلحة من النساء والرجال وأخذ ملاحظاتهم التي ساعدت على الخروج بالمسودة الثالثة للمقترح والتي تم تنقيحها.
وقد قامت النائبة نشوى الديب العضو بمجلس النواب بعرض مقترح مشروع القانون على اللجنة التشريعية بالمجلس زفيما يلي أهم ملامح مقترح مشروع القانون.
1-الخطبة:
يعد المقترح من اول المقترحات التي تحدثت عن الخطبة وأهمية ادراجها داخل قانون الاحوال الشخصية فالخطبة كما هم متعارف عليه مقدمة الزواج حيث جاء المقترح بتعريف لها ووضع حلول للإشكاليات المترتبة على فسخها أو العدول عنها:
فالخطبة هي اتفاق بين رجل وامرأة سابق على الزواج يجوز كتابته واذا ترتب ضرر من عدول احد الطرفين عن الخطبة بغير سبب كان للطرف الآخر المطالبة بالتعويض عما اصابه من ضرر واذا عدل احد الطرفين عن الخطبة او مات يسترد هو أو ورثته المهر الذي اداه عينا أو قيمته.
2- سن الزواج:
يؤكد المقترح ان سن الزواج يجب أن يكون 18 سنة للفتيات وذلك من خلال لفظ “لا تزويج” حيث ان القانون الحالي ينص على انه “لا توثيق” ومن ثم يفتح باب التلاعب بتزويج الفتيات من هن دون 18 ثم يتم توثيق الزواج بعد بلوغهن السن القانونية المشترطة للتوثيق.
3- وثيقة الزواج:
يقترح مشروع القانون على ضرورة احتواء وثيقة الزواج على بند للشروط المضافة مع اعطاء امثلة لتلك الشروط والتي منها على سبيل المثال؛ امكانية اشتراط الزوجين اقتسام ما تم تكوينه من عائد مادي مشترك اثتاء العلاقة الزوجية في حالة الطلاق على ان يترك لهما تحديد النسبة المئوية التي يرونها عند اضافة هذا الشرط ، الاتفاق على مسكن الحضانة، الاتفاق على نفقة الصغار في حالة وجودهم.. وغيرها.
4- الصيغة التنفيذية للوثيقة:
يتضمن المقترح بندا حول أن تكون وثيقة الزواج مزيلة بالصيغة التنفيذية بصفتها محرر رسمي بحيث في حالة الطلاق لا يقوم القاضي بالاذن بالطلاق الا اذا قام المطلق باعطاء مطلقته الحقوق المترتبة على الطلاق من عدة ومتعة ومؤخر صداق، وكذلك الحقوق الناتجة عن الشروط المضافة ان وجدت والا اعتبر المطلق ممتنع عن تسليم الحق إلىمستحقيه.
5- النفقة والحد الادنى للاجور:
النفقة هي كل ما يلزم لحياة الأم والابناء من مأكل وملبس ومشرب .. الخ لذا يجب ان يراعى في المبالغ المقضي بها عدد الابناء وان تتناسب مع الحد الادنى من الاجور وفقا للزيادات الدورية التي تطرأ عليه نتيجة لأرتفاع الاسعار والتضخم، على ان ينفذ صندوق الأسرة كامل حكم النفقة المقضي بها من المحكمة المختصة وفقا لاحكام القانون وذلك لتحقيق الحياة الكريمة للنساء والاطفال وفقا للدستور المصري والاتفاقيات الدولية.
6- تعدد الزوجات:
يتناول مقترح القانون الجديد تنظيم تعدد الزوجات من خلال تقديم الرجل راغب التعدد طلبا للقاضي يتم من خلال الجلسات الاطلاع على الحالة الاقتصادية والاجتماعية والصحية وبناء عليه يتم اخطار الزوجة الاولى واستدعائها والتأكد من موافقتها والتزام الزوج بنفقتها ونفقة اولادها وجميع حقوقها الاخرى.
وفي حالة رفضها التعدد وطلب الطلاق يتم تطليقها واعطائها حقوقها المالية القانونية وتحديد نفقة ومسكن لأولادها..
وبعد الانتهاء من جميع الاجراءات واستيفاء كامل الحقوق يتم الموافقة للرجل بالزواج من أخرى مع اعلام الزوجة الجديدة بالحالة الاجتماعية للزوج قبل اتمام الزواج.
7- الطلاق بيد المحكمة:
ينص المقترح على انه في حالة رغبة ايا من الطرفين الطلاق سواءا الزوج او الزوجة ان يقوم بتقديم طلب للمحكمة يتم فيه ابداء اسباب الطلاق وبعد محاولات الاصلاح عن طريق اللجان المتخصصة.
وفي حالة فشلها مع اصرار الزوج على ايقاع الطلاق اذا كان هو الراغب في الطلاق ؛ تقوم المحكمة باجابة طلب طلاق زوجته مع اعطائها كافة الحقوق المترتبة على الطلاق من عدة ومتعة ومؤخر صداق وتحديد نفقة للاطفال إن وجدوا، وذلك توفيرا للجهد الذي تتكبده النساء حتى تحصل على حقوقها أو نفقة لأولادها.
بينما في حالة ما إذا كانت الزوجة هي مقدمة الطلب ووجدت المحكمة أسباب قانونية للطلاق طلقتها مع اعطائها كافة حقوقها القانونية .. بينما في حالة عدم وجود الاسباب واصرارها على الطلاق يتم الطلاق مع تنازلها عن كافة حقوقها القانونية وهو ما يؤدي إلىتوفير كثير من الوقت والتكاليف والمجهود ومن ثم المساعدة على الاستقرار النفسي والمعنوي لكثير من الاسر والاطفال.
8- تعويض الزوجة:
جاءت مادة متخصصة في المقترح تنص على وجود تعويض الزوجة في حالة الطلاق سواء كان لديها أطفال ام لم تنجب وذلك باحتساب سنوات الزوجية والنص على تعويضات مختلفة مراعات لتلك السنوات ، قد تكون تلك التعويضات في شكل نص على مقدار التعويض او ما يطلق عليه “المتعة” في القانون الحالي والتي كثيرا ما يختصرها عدد من القضاة في تعويض المرأة بمقدار نفقة عامين أيا كانت سنوات الزوجية.
9- الأب ثاني الحاضنين:
ينص المقترح على ان يكون الأب في المرتبة الثانية ضمن منظومة ترتيب الحاضنين التي يقرها القانون المصري بحيث يأتي بعد الأم مباشرة وذلك بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل.
10- زواج الأم:
تحتفظ الام بحضانة اطفالها في حالة زواجها للمرة الثانية مع مراعاة المصلحة الفضلى للاطفال وفقا لمعايير قانونية ونفسية واجتماعية وبما يساعد على ايجاد حياة نفسية مستقرة سواء للطفل او الام.
11- الام المسيحية:
التأكيد على حق الام المسيحية المطلقة في الاحتفاظ بحضانة اولادها من زوجها المسلم او الذي كان مسيحيا واعتنق الاسلام حتى يبلغ الطفل 15 عاما اسوة بالام المسلمة.
12- الولاية المشتركة:
تكون الولاية على الابناء مشتركة بين الابوين أثناء العلاقو الزوجية أو بعد الطلاق.
13- الرؤية:
الرؤية حق من حقوق جميع افراد الاسرة الطفل والابوين والاجداد.
14- اثبات النسب:
يؤكد مقترح مشروع القانون أن يكون اثبات النسب بكافة الوسائل العلمية الحديثة كما جاء بقانون الطفل واضاف المقترح مادة متخصصة حول احقية اثبات نسب ابن الام المغتصبة إلىابية المغتصب والذي ثبتت عليه واقعة الاغتصاب. وكذلك مطابقة الحمض النووي للاب والام مع الحمض النووي للطفل واصدار شهادة ميلاد للطفل تتضمن كافة حقوق الطفل الطبيعي على ابيه.
15- المفقود:
في احكام المفقود نص مقترح القانون على انه يحكم بموت المفقود في ظروف يغلب عليها الهلاك بعد ستة اشهر من تاريخ فقده؛ اما في الحالات المتأكد فيها من الهلاك كغرق سفينة على سبيل المثال يعتبر المفقود ميتا بعد مضي شهر من تاريخ فقده.
16- الإصطحاب:
من حق الطرف غير الحاضن اصطحاب الطفل المحضون وذلك من خلال قضاء وقت أطول قد يتخلله مبيت ليوم أو لعدة أيام طبقا لما يحدده القاضي مراعاة لمصلحة الطفلالفضلى والتي تختلف من حالة طفل لأخريراعي في ذلك سن الطفل ومواعيد الدراسة مع وضع معايير حمائية بما يضمن عودة الطفل إلى الطرف الحاضن.
17- ملف واحد أمام قاضي واحد:
تختص محكمة الاسرة بنظر جميع نزاعات الاسرة في ملف واحد ويفصل فيها امام قاضي واحد ليكون ملم بكل تفاصيل النزاع ويكون امام بصيرته مصلحة الطفل الفضلى من الناحية الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والدراسية.
18- جهة تنفيذية مختصة باحكام الاسرة:
انشاء جهة تنفيذية معينة بتنفيذ كافة أحكام محاكم الاسرة الخاصة بملف الأسرة الواحد لتنفيذ ما جاء باحكامها في كافة النزاعات المعروضة وفقا لنص القانون المرفق كما تختص بتنفيذ احكام النفقات والأجور.