كتبت_ ماجدة محمود عبد الجليل
من كورونا إلى القبة الحرارية، وعصر الاحتباس الحرارى الذى نعيشه الآن “يا قلبى لا تحزن”، أو بالأدق أحزن وقل: “حيَّرت قلبى معاك.. وأنا بدارى وأخبى.. قولى أعمل إيه وياك.. ولا اعمل إيه فى حر أرضى”.
كان يا ما كان، ونحن صغار، وحتى وقت قريب، كنا ندرس فى مادة الجغرافيا ان طقس مصر “حار جاف صيفًا.. دافئ ممطر شتاء”، وكان أغسطس، وما أدراك ما أغسطس، أقسى شهور الصيف على المصريين من شدة حره وناره؛ ما يدفعنا للهروب الجماعى إلى الشواطئ، وضفاف النيل، وهناك تحلى الحكايات والحواديت.
كان أغسطس أصعب شهور العام، وكنا نضيق به ويضيق بنا.. الآن، لم يعد أغسطس وحده، فقد ذقنا الأمرَّين من شهر يونيو، ومستمرون كذلك، حتى سبتمبر، والله أعلم بحال الطقس، وظروف الكرة الأرضية، وقبتها الحرارية التى أدخلتنا إلى عصر “الغليان الحرارى”.كنا نرتدى الماسكات. والآن، أصبحنا نرتدى الكابات، والنظارات الشمسية، وفى انتظار تصنيع دروع ثلجية؛ لامتصاص الحرارة النارية.”فى الصيف لازم نحب”، عنوان لفيلم عربى قديم، كان على أيامهم الصيف للتعارف والتقارب، والارتباطات العاطفية، والتى كانت غالبا، ما تنتهى بالزواج، هكذا كان الحال لفترات قريبة. الآن، الناس من شدة حرارة الجو لم تعد تحتمل الكلمة، ولا الهمسة، ولا حتى النظرة؛ قسوة الجو وشدة الحرارة، أحرقت القلوب، وأذابت العقول، وغيبت المشاعر؛ فأصبح الكثيرون بلا هدف يهيمون فى الأرض لعلهم يجدون نسمة هواء تشفى الصدور العليلة.ومع قسوة الجو وظلام الليل، أتذكر العاشرة مساء؛ حيث فنجان القهوة فى البلكونة مع صوت أم كلثوم وأغنيتها “بعيد عنك حياتى عذاب.. ما تبعدنيش بعيد عنك”، وأقصد جهاز التكييف والمراوح الكهربائية.. وصوت فايزة أحمد، وهى تقول: “اللى حبوا.. قدروا ينسوا.. قدروا ينسوا إزاى وليه”.يا هواء الكورنيش: “ده أنت غايب بس حبك.. ليل نهار بتغنَّا فيه”.. أيتها المراوح والتكييفات “واللى يهوى الحلو”، جو مصر الذى افتقدناه “لازم يرضى بالمر اللى فيه”.”الاحتباس والغليان الحرارى”.. اللى دبنا ودوبنا فيه، أنساك إزاى.. إزاى أنساك وإحنا على الشواية ليل نهار، ونهار وليل.. “ويا دنيا رفقا بينا، شمسك هتولع فينا!”.