المرأة المغربية.. مسار متألق عبر التاريخ

في اليوم الوطني للمرأة المغربية

بقلم_ هند الصنعاني

يقولون أن سر تميزها هو ذلك المزيج بين الحضارة الأمازيغية والعمق الإفريقي والعربي والانفتاح على القيم الإيجابية الوافدة من أوروبا، حكايتها بدأت منذ آلاف السنين، ظهرت ملامحها لما منحها الدين الإسلامي حقها في الوجود، لتلد لنا أرض المغرب أشهر النساء، “كنزة الأوربية”، ابنة زعيم قبيلة أوربة الأمازيغية، تزوجت من إدريس الأول، لعبت دورا هاما في إرساء قواعد الدولة الإدريسية خاصة بعد وفاة زوجها إدريس الأول وتولي ابنها الحكم، والذي كان يستمد النصح والإرشاد منها في بعض الأمور.

ويذكر التاريخ أيضا السيدة “زينب النفزاوية” حليلة يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، أشهر النساء في تاريخ المغرب، حيث كان لها دور كبير في إرساء دعائم الدولة المرابطية، أما السيدة الحرة، وهي ابنة أمير شفشاون علي بن موسى حفيد بن مشيش العلمي الإدريسي، كانت حاكمة مدينة تطوان المغربية لأزيد من ثلاثة عقود، كانت تتوفر على أسطول متأهب دائما للقيام بغارات ضد الإيبريين.

اسما آخرا كتب بحروف من ذهب، مليكة الفاسي التي تزعمت حركة النهوض بالمرأة المغربية كانت رمزا من رموز النضال النسائي ورائدة الصحافة والكتابة النسائية بامتياز، وهي المرأة الوحيدة التي نالت شرف التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944.

واليوم وبعدما قطعت أشواطا طويلة وعصيبة من أجل نيل حقوقها في المجتمعات الذكورية، لم تكن المرأة أن تأخذ حقها مناصفة مع الرجل لولا الاهتمام الكبير الذي منحه العاهل المغربي محمد السادس لملف المرأة المغربية، والذي قرر أن يكون العاشر من أكتوبر من كل عام عيدا وطنيا ومناسبة للوقوف عند كبرى التحديات التي تواجه المرأة المغربية، والتي شهدت تحولات تاريخية منذ اعتلاء محمد السادس الحكم، لتصبح التجربة المغربية مبادرة رائدة بإشادة دولية، كونها نموذجا متكاملا في الإصلاح،باعتبار المرأة شريكا أساسيا في التنمية المستدامة.

شكلت الإصلاحات العميقة التي عرفها قانون الأسرة في المغرب ثورة مجتمعية هادئة تم تحقيقها من خلال اجتهاد جمع بين ماهو ديني ووطني ودولي بدون المساس بالهوية والثوابت.

ولعل أبرز المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية، إقرار حق المرأة المتزوجة من أجنبي في منح الجنسية المغربية لأبنائها، أيضا وضع الطلاق تحت مراقبة القضاء، واستفادة المطلقة من الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية، وعدم زواج الرجل بزوجة أخرى إلا بعد موافقة كتابية من الزوجة الأولى، وكذلك اعتبار الولاية حق المرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، أيضا إشراك المرأة المتفقهة في هيكلة المجالس الدينية، كما فسح لها المجال لممارسة مهنة “العدول” أو”المأذون”.

كما تم إطلاق “برنامج التمكين والريادة” للمرأة في إطار خطة 2023-2026، ويتضمن هذا البرنامج 3 محاور أساسية يتعلق ب”التمكين والريادة للمرأة”، “الوقاية والحماية للنساء ومحاربة العنف ضدهم”، و”تعزيز القيم لتحسين الصور النمطية والنهوض بحقوق النساء ومكافحة كل أشكال التمييز”.

لازالت المرأة المغربية تكتب أسطر نجاحاتها بفضل نضالها وبفضل الحرص الشخصي للعاهل المغربي ورعايته لمسار تأهيلها، هذا لا يمنع أن تظل في حالة يقظة ونشاط لضمان استمرار مكتسباتها بل وتعزيزها فالطريق مليء بالتحديات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *