أيام ويلملم عام 2022 أوراقه ويرحل، كما رحلت أعوام كثيرة سابقة، ومع نهايات العام نجلس إلى أنفسنا ونتسائل ماذا قدمنا لرحلتنا من زاد خلال العام؟ هل كان الزاد والزواد كافٍ لرحلة هذا العام؟ هل قدمنا لأنفسنا ولغيرنا ما يجب أن يكون؟ هل ونحن نراجع دفتر أحوالنا الشخصية اكتشفنا أو أدركنا ما نحتاجه لاستكمال مسيرة الحياة إذا كان فى العمر بقية؟
تذكرت من خلال قراءة دفتر الأحوال هذا الرجل الطيب ذو اللحية البيضاء، الذى يطل علينا كل عام، وننتظره صغارا وكبارا، وهو يقدم لنا هدية، قد تكون من أب لأولاده، أو من أم لأطفالها، أو من جد أو جده للأحفاد أو من إنسان لآخر؛ يدخل بها البهجة إلى نفسه، ليس بالضرورة أن تكون الهدية ثمينة أو مادية، بالعكس قد يكون الحب أو الحنان أو العطف أو التسامح هو أغلى ما ننتظره من الآخر.
هذا ما فعله القديس نيكولاس “سانتا كلوز“، الذى يسافر حول العالم قاطعا الأميال ليسعد قلب إنسان بعد أن حرم وهو صغير من الدفء الأسرى، على إثر فقده لأبويه “أبيفانيوس وتونة”؛ بسبب وباء الطاعون الذى انتشر فى قرية “باتارا” بإحدى مقاطعات آسيا الصغرى.
هذا الفتى وهب ثروته التى ورثها عن أسرته اليونانية الثرية لإسعاد المحتاجين والمرضى، وعمل فى دير “ميرا”، وكان عمه أسقفا له، ورسم قسيسا فى الثامنة عشره من عمره، ومن وقتها وهو يعمل من أجل الضعفاء والمحتاجين.
من بين القصص التى تروى عن “سانتا” مساعدته فى تزويج 3 فتيات فقد والدهن كل أمواله، لدرجة أنه لم يجد قوت يومه، وكان عليه أن يزوجهن فما كان من سانتا إلا أنه أخذ مبلغا من المال ووضعه فى كيس، وعندما أسدل الليل ستائره ذهب وألقى بكيس النقود داخل المنزل.
وفى الصباح وجد الأب النقود – ويقال إنه وجدها فى أحد الجوارب – فزوج الكبرى، وتكرر الحال مع الشقيقة الثانية فاحتار الأب فى الأمر، وقرر أن يعرف من أين تأتى هذه الأموال؟ فظل ساهرا بالبيت فى انتظار هذا المحسن الكريم، إلى أن جاء “سانتا”، وألقى بالكيس الثالث فخرج الأب مهرولا، ليكتشف أنه القديس نيقولاس، فعرف الناس بكرمه ومساعدته للآخرين، وعندما توفى تم توزيع هدايا على الأطفال تكريما له ولما كان يقدمه من خير.
هذا عن سانتا كلوز الشخصية الحقيقية أما “سانتا” الذى تحول فى ما بعد إلى شخصية “بابا نويل” الأسطورة بلحيته البيضاء التى ترمز إلى الجليد المتساقط فى الشتاء وسترته الحمراء التى ترمز إلى الحب بكل معانيه، فهو شخصية ارتبطت بعيد الميلاد المجيد.
رجل طيب يأتى على عربته السحرية التى تمتلئ بهدايا صنعها له الأقزام الذين يعيشون معه ليطوف العالم مقدما هداياه التى تدخل السعادة إلى القلوب.
بابا نويل المأخوذ عن القديس نيقولاس الذى عاش فى القرنين الثالث والرابع الميلادى وتوفى 346 ميلادية، ما زال يعيش بيننا وسيظل، لأن الخير لا يموت أبدًا.