كتب: الشيخ أحمد تركى
الهجرة معناها الانتقال من مكان إلى مكان ، أو معناها الترك
يُقال : هجرَ هجرةً. ويُقال : هجرَ هجراً
أما الهجرة النبوية : فيُقصد بها هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المهاجرين من مكة إلى يثرب ( والتى سُميت بالمدينة فيما بعد ) بسبب أذى المشركين للرسول وأصحابه لإرغامهم على ترك رسالة الإسلام والتخلى عنها وخاصة بعد موت أبى طالب الذى كان يشكل درع الحماية للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم .
وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعرض الإسلام على القبائل فى موسم الحج وفى أسواق العرب – عكاظ ومجنة وذو المجاز – يدعوهم الى التوحيد ونبذ عبادة الأوثان فلم يُجبه أحد ..
حتى لقى أشخاصاً من يثرب فعرض عليهم الاسلام فأسلموا وكانت بيعتا العقبة الأولى والثانية ، وانتشر الإسلام فى يثرب بين قبيلتى الأوس والخزرج ..
وفى الوقت ذاته ضيّقت قريش على الرسول والصحابة فى مكة بحدها وحديدها بغية عدم خروج واحد منهم إلى يثرب وكانو يعتبرون ذلك تهديداً لرئاستهم ومكانتهم بين العرب …
أذن الله تعالى لرسوله بهجرة أصحابه سراً ثم بهجرته هو بعد ذلك ، وكانت أحداث الهجرة التى لا تخفى عن الجميع لتأسيس الهيكل الشامل لمجتمع جديد ..
ولقد تعرضت السيرة النبوية بما فيها من أحداث عظيمة. لعمليه تشويه كبيرة ومتعمدة من قبل نُظّار وكهنة الجماعات المتطرفة بقصد تبرير جرائمهم وشرعنتها ونسبتها للرسول وأصحابه وتسويق فريةً طالما نشروها على أنها حقيقة ! ألا وهى : ” أنهم ( الجماعات ) وحدهم يمثلون الاسلام وأن أعمالهم شبيهة بأعمال الرسول وأصحابه !
وإليك عزيزى القاريء بعض هذه الافتراءات :
1-قام الإخوانى سيد قطب بشرعنة العمل السرى للجماعات الإرهابية فى مصر والدول الإسلامية بقصد اسقاطها وتخريبها لبناء الخلافة وتحويل المجتمع من الجاهلية والكفر إلى الاسلام. على حد زعمه !
فقد اعتبر أن ملياراً وثلث المليار من المسلمين اليوم فى جاهلية وكفر كجاهلية وكفر أبى جهل وأبى لهب وقريش !! وأن جماعة الاخوان تمثل الرسول وأصحابه !!
كل ذلك لتبرير العدوان والارهاب بقال الله وقال الرسول !!
وللأسف الشديد تأثر بهذه الحيل الشيطانية بعض شباب الأمة وتم تجنيدهم إلى الارهاب بهذه المداخل ، ثم تم سحبهم إلى تنفيذ القتل والتفجير فى الأبرياء زاعمين أنهم على الحق !
إن كلمة الجاهلية ذكرها الله فى القرآن على أنها فترة تاريخية تعنى الفترة التى سبقت الاسلام وكان العرب يعيشون أبشع صور الظلم والجهل والتخلف والفرقة ، فجاء الاسلام ليصنع منهم وبهم أمة العلم والأخلاق والحضارة ..
قال تعالى وهو يصف طائفة من المنافقين : (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)( آل عمران 154).
وظن الجاهلية يعنى يظنون بالله غير الحق
لأن كلمة الجهل مقابلها العلم وليس مقابلها الايمان !!
وبالتالى فالجاهلية تعنى الجهل الخلقى والعلمى وليست الخروج من الاسلام الى الكفر كما صورها سيد قطب!!
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمارس السرية إلا أثناء الهجرة !! والهجرة كلها بأحداثها انتهت بفتح مكة
لقول النبى صلى الله عليه وسلم :
لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية …
ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلى الاسلام فى أسواقهم وفى موسم الحج عياناً بياناً وحاشاه أنه قد تآمر على أحد سراً كما تدعى الجماعات الإرهابية !!
إن السنة العملية لرسول الله فاضحة لكل هذه الافتراءات معلنة البراءة الكاملة لرسول الله وسنته ومنهجه من جماعات الدم والخراب.
2- كما قامت أبواق الإعلام لجماعات الإرهاب والدم وبألسنة بعض الرموز من وعاظهم تجار الدين بإدعاء آخر
يخص الهجرة !!
يقولون أن هروب اعضاء التنظيم الإرهابى من مصر بعد ارتكاب جرائمهم إلى بعض الدول فى العالم هو هجرة فى سبيل الله مثل هجرة الرسول !!!
ولا يخفى على أحد أن حقائق المنطق ونصوص القرآن والسنة داحضة لهذا الافتراء المضحك ! للأسباب الآتية :
أ- إنتهت الهجرة الدينية يوم فتح مكة بقوله صلى الله عليه وسلم “لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية “
فلا يمكن لأى أحد إدعاء أنه مهاجر فى سبيل الله بعد هذا التوقيت ، لانتهاء الحد الزمنى للهجرة كما فى الحديث.
ب- هجرة الرسول واصحابه كانت تضحيةً لنصرة العقيدة ، وكان الهدف وقتها نشر الاسلام وإقامة مجتمع مسلم ، أما اعضاء التنظيم الارهابى ، فقد هربو من بلدهم المسلم ( مصر المذكورة فى القرآن والممدوحة فى ثلاثين آية وعشرين حديثاً نبوياً ) بجنايات تعاقب عليها الشريعة الاسلامية وقانون بلدهم !! الى بلاد بعضها يبيح اللواط والزنى بحكم القانون !
قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ” فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه “
فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هاجرو لنصرة الإسلام أما الإخوان فهروبهم من مصر أشبه ما يكون بخروب بنى اسرائيل من مصر عندما ضرب الله عليهم التيه فى الأرض أربعين عاماً وقال عنهم. فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانو منظرين …
ج- عندما خرج النبى صلى الله عليه وسلم من بلده مكة المكرمة مهاجراً وقف على مشارفها قائلاً. ” والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلىّ ، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت …”
فقد خرج الرسول الأعظم من مكة مهاجراً ومعظماً ومحباً لها …
أما الإخوان فقد هربو من بلدهم وهم يلعنونها ويتآمرون عليها مع كل شياطين الأرض فى العالم كله لإسقاطها كما أسقطو غيرها لصالح الاستعمار العالمى !!
فكيف يقبل العقل البشرى إدعاءات الجماعة الإرهابية بأنهم مشروع إسلامى على خطى النبى صلى الله عليه وسلم ؟
حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون هذا العدوان منهجه ؟! أو تكون هذه المؤامرات السياسية باسم الدين شريعته ؟!
لقد صدق في هؤلاء ما قاله الله تعالى فى المنافقين :
﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 9، 10].
ولقد أنزل الله تعالى سورة فى القرآن باسم البلد !
وقال لنبيه ” وأنت حِلٌ بهذا البد “
ليعلمنا ان الولاء للوطن جزء من الولاء لله ولدينه ولرسوله …
وبالتالى الولاء لمصر جزء من الولاء لله ولرسوله ولدينه وان كان بها هنًّات !! فيجب علينا إصلاحها. كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم مع مكة المكرمة !! وليس كما يريد الارهاب اسقاطها وتدميرها ،،
لأن الوطن هو وعاء الحياة وهو أيضاً وعاء الدين !! والوطن كالأرض والدين كماء المطر !! واذا ضاع الوطن ضاعت الحياة وضاع معها الدين …
اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد .