بقلم/ ماجدة محمود
آه يا دنيا.. نأتي إليك دونما أدنى رغبة منا، نأتي طائعين، صفحة بيضاء لا خدوش بها أو بقعة واحدة سوداء، نأتي صارخين في محاولة للإعلان عن قدومنا إلى دنيا تفعل بنا ما تشاء.
آه يا دنيا.. نكبر ونستقل قطار الحياة، كُل في مقعده، من يجد مقعدًا في الدرجة الأولى المُكيفة، ومن يأتي مقعده بنهاية القطار فى الدرجة الثالثة، بلا مقاعد مريحة، وزجاج لشباك تهشم بفعل فاعل أو نتيجة لإهمال، فيظل طوال الرحلة يُعاني من حرارة الجو أو صقيع البرد، لكننا في النهاية نستقل نفس القطار “قطار الحياة”.
آه يا دنيا.. الكل يُعاني خلال الرحلة، سواء ركاب الدرجة الأولى المُكيفة أو الدرجة الثالثة عديمة الإمكانات، مشوار ولازم نمشيه حتى محطة الوصول، وكما يسير القطار سريعا تسير بنا الساعات، الأيام، الشهور والسنوات، أحداث مُتلاحقة نلهث وراءها، ولا تتوقف لحظة لالتقاط الأنفاس، حتى نُفاجأ بأن الرحلة انتهت، كيف؟! لا نعلم، ما نُدركه أن أيامنا أسرع من أن نتأمل ما سار فيها أو ما يُحاك بها.
آه يا دنيا.. هناك أناس نُحبهم، نحتاج إليهم ونستند عليهم نفقدهم خلال الرحلة، وهناك أيام عزيزة علينا بذكرياتها الجميلة، ومواقفها التي لا تنسى صرنا نترحم عليها، نسترجعها كلما ضاقت بنا الحياة، ونود لو عادت لدقائق لنستزيد بحلوها ومرها، نضحك قليلا، ونبكي كثيرا على تلك الأيام، التي لم نستمتع بها، ونتذوق طعمها، ونستنشق عبيرها الفواح.
آه يا دنيا.. عام مضى مثل غيره من الأعوام، مضى كسرعة البرق ونحن على نفس الحال غافلين لاهثين وراء أحلامنا وطموحتنا، التي جعلت منا بشر بلا أحساس، وسنظل هكذا، ونحن نستقل القطار مادمنا لا نتوقف لالتقاط الأنفاس.
كل عام وأنتم مُطمئنين، هادئين، زادكم وزوادكم التأمل والرضا، الستر وراحة البال حتى تتبدل أحوالكم من حال لأحسن حال.