خطوة عزيزة

كتبت/ ماجدة محمود

يقول المثل الشعبى: «لاقينى ولا تغدينى»، وهى حولت هذا المثل عن قناعة تامة، ويقين لا يتزعزع إلى: «لاقينى وغدينى.. وفطرنى وعشينى»، مؤمنة بأن لقمة هنية تكفى مئة وأكثر.

أتحدث عن الحاجة عزيزة عبد العليم، التى قصدت باب الكريم، وأسست جمعية «أحباء الكريم»، فعم الكرم على أهل إمبابة.

وحكاية الست عزيزة، بدأت بعد قدومها مع زوجها من المنوفية، مسقط رأسها إلى مدينة الجيزة، ولأن لا يشعر بالمحتاج أو المريض أو الجوعان إلا من يعانى مثله، كانت تحلم بإطعام كل سائل أو محروم لأنها حرمت من الطعام فى فترة ما من حياتها.

وبالفعل بدأت منذ أكثر من 30 عاما، بطهى الطعام مع اثنتين من جاراتها، مستخدمة «حلتين ووابور جاز»، حيث كنّ يجلسن فى حديقة بمنطقة إمبابة، يطهين الطعام، ويستضفن المارة أو المترددين على الحديقة، لتناول الطعام بالمجان، ومع الدعوات حلت البركة على المكان، وكبر مشروع الخير، و«الحلتين» تضاعف عددها، والمطبخ الصغير الذى كان فى حارة ضيقة، تضع على الرصيف المقابل له، عددا ضئيلا من الترابيزات والكراسى للجلوس.

تشرفت بأن شاركت الست عزيزة عام 2018 بالطهى معها، فى هذا المكان، وإطعام ضيوفها من أهل إمبابة وما حولها، حيث كنت أقوم بزيارة إلى هذا الحى، فى إطار مبادرات التوعية التى يطلقها المجلس القومى للمرأة، الذى أعمل تحت مظلته.

وأذكر موقفا لا يغيب عن ذاكرتى منذ هذا التاريخ، وهو أن البنات والأولاد كانوا خلال عودتهم من المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسى، يأتون إلى سفرة الست عزيزة، لتناول الطعام قبل ذهابهم إلى منازلهم أو دروسهم المسائية، ويومها طلب تلميذ لا يتعدى عمره العاشرة، أن يأخذ نصيبه من الطعام، ليتناوله مع والدته المريضة بالمنزل، لأنها لن تستطيع الحضور فى هذا اليوم، لتأكل فى الشارع، وبالفعل أخذ الطعام وذهب وابتسامة الست عزيزة تودعه.

المطبخ الصغير والحارة الضيقة، صارا الآن، مطبخا مجهزا بالأدوات والمعدات، وانتقلت به إلى مكان أكثر اتساعا ورحابة وتحديدا أسفل كوبرى عرابى بشارع المطار، وبدلا من طهى طعام «يا دوب يكفى حلتين»، إحداهما للأرز، والثانية للخضار باللحم، وصلت إلى 1000 وجبة يوميا فى شهر رمضان.

ورغم الظروف ما زالت تقدم وجباتها، وتباشرها بنفسها، من خلف مكتب خشبى صغير، تجلس عليه وترحب بضيوفها، وهى تقول: خطوة عزيزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *