إلى وقت قريب كنّا نفتقد مسلسلات الأسرة التى تتحدث بلسان حال أفرادها، أحلامهم، آلامهم، طموحاتهم وهمومهم إلى أن أطل علينا مسلسل “أبو العروسة” بأجزائه المختلفة، والذى أبرز دور “الأب” بشكل قوى بعد أن افتقدناه فى زحمة الحياة وصعوباتها ومتطلباتها، التى دفعت بالآباء إما بالسفر خارج البلاد أو العمل طوال الوقت.
وها هو مسلسل “أعمل إيه” يقدم لنا حال الأسرة المصرية المتوسطة التى افتقدناها، ويعيد لنا نموذج “الأب” بعد أن غيبته الأعمال الدرامية طويلا، ويؤكد على أهمية وجوده وسط عائلته “سند وضهر” أب يتميز بالحنان والحسم والحزم فى آن واحد بلا عصبية أو ترهيب بل باحتواء لبناته وزوجته وشقيقته حتى فى أصعب المواقف والأزمات، نموذج للأب الذى عشنا معه وعايشناه وتفتقده كثير من الأسر اليوم نتيجة – كما ذكرت سالفا – للسفر من أجل العمل أو العمل طوال الوقت، والذى أصابه بضغط عصبى من أجل متطلبات ارتفعت ليس فقط إلى حد السقف بل تخطته واخترقته فصار العبء كبير والبعاد أكبر.
أعمل إيه؟ سؤال نردده جميعاً إما بيننا وبين أنفسنا أو لمن حولنا حينما تشتد بنا الحياة ونقف حائرين أمام مشكلة أو أزمة.
ونحتاج دليلا يأخذ بأيدينا إلى الطريق الصحيح وهنا يأتى دور الرفاق، أصدقاء طفولة، جيران “عشرة عمر” وقبلهم الزوجة رمانة ميزان البيت المصرى، وهنا وجبت التحية للفنانة “صابرين” التى تؤدى دور الأم المصرية العصرية، العاملة، المتابعة لبناتها بلا قيود أو ضغوط فقط حارسة لهن عن بعد، وهو ما أوضحه الكاتب حينما استعانت بشقيقتها لمساعدة الابنة فى استعادة من أحبها وأحبته.
أعمل ايه؟ فى مجموعة عمل أدى كل منهم دوره باقتدار من أصغر فنانة إلى أكبر فنان، سيمفونية من العزف المنفرد ثم الجماعى فى تناغم وتجانس تام يشعرك وكأنهم جيرانك أو أهلك، الفنانة “نهال عنبر” وحش على الشاشة، الشريرة الراقية، الفنانة ندى بسيونى السهل الممتنع، بساطة فى الأداء، عمق فى التعبير، الفنانة “هدى الإدريسى” إطلالة مختلفة ومفاجأة فى نفس الوقت يضاف إلى رصيدها الغنى، بنات الفلانى تشعر إنهن بنات من عائلتك.
أما نجمنا “خالد الصاوى” العملاق، عوضنا بتعبيراته القوية والمؤثرة عن صعوبة السماع لجمله فى بعض الأوقات، وهمسة فى أذنه “مزيد من إنقاص الوزن وعلاج اللحمية”.
حى المنيل أو تحديدا “الروضة” الجنة التى احتوت هذه الأسرة وقبلها أسرة أبطال فيلمى “أم العروسة والحفيد” لها ذكريات عزيزة على نفسى، تربيت فيها، عشت وما زلت أجمل أيّام، “نداهة” تجتذب كل من يمر عليها، بين نيلين تستشعر الدفء، الجمال والراحة، اختيار صائب من كاتب متميز مثل “محمد الحناوى” الموضوع والمكان لأن الناس فى المنيل طيبين، حنينين، قلوب دافئة وضحكة صافية، ولو مش مصدق، اسأل الحناوى.