« السرابيوم »كانت ومازالت سقارة مليئة بالأسرار والالغاز ويعتبر اكبر هذه الالغاز هو السرابيوم الذي حير علماء المصريات، ولم يجدوا له تفسير عن كيفية حفره بطرق هندسية دقيقة محفورة في صخور أرض سقارة وكيفية حفر التوابيت .
موقع السرابيوم يقع بمنطقة سقارة شمال غرب الهرم المدرج للملك زوسر .
وصفه
يتكون سرابيوم سقارة من مجموعة من الأنفاق والسراديب بطول 400 متر محفورة في قلب صخر هضبة سقارة ويبدأ بممر طويل يؤدي إلى سلالم عبارة عن مصاطب كبيرة في آخر هذه المصاطب باب صغير يفتح على ممر رئيسي على استقامة واحدة طوله 136 مترا أرضيته خشبية وأخرى زجاجية لروؤية الأرض الأصلية للممرات وعلى جانبيه 24 غرفة دفن مقببة منحوتة في الصخر لا تواجه هذه الغرف بعضها بعضا بل حفرت بالتبادل حتى لا تحدث ضغطا على التربة الطينية التي حفرت عليها.
نبذة عن « أبيس »
ارتبط السرابيوم بنائه بقصة المعبود المقدس «الثور أبيس»، ويعتبر العجل «أبيس» أحد أشهر الثيران الذي قدسها المصريون القدماء، وكان يتم عبادته في مدينة منف عاصمة مصر.لقد عُبد العجل «أبيس» في معابد عرفت باسم السرابيوم، وهناك معبدين باسم السرابيوم، الأول تم بنائه في العصر البطلمي في عاصمتهم الإسكندرية، والثاني يعود تاريخ بنائه للعصر المتأخر من الحضارة المصرية القديمة، وقد اندثر بفعل حركة الصحراء الغربية، ولم يتبق منه غير المقابر التي احتوت على مومياوات الثور أبيس الذي أقامه المصريين.
اختيار العجل « أبيس »
اختيار القدماء المصريين للثور أبيس من بين الثيران كان يتم وفق معتقدهم ورؤى محددة بأنه الثور الذي يكون وحيد أمه، وأن هناك وميض أو برق ينزل من السماء على إحدى البقرات فتلد الثور المقدس على جبهته علامة مربعة بيضاء، يكون ذيله خليط ما بين الشعر الأبيض والأسود، وعلى لسانه رسم للجعران المقدس الذي يرمز لإله الشمس رع ، وعلى ظهره يوجد رسم للنسر، وإذا توافرت تلك الشروط يصبح الثور هو معبودهم المقدس أبيس ؛وقد نال «أبيس» شهرة لم تنلها الكثير من المعبودات، فهو روح الإله «بتاح» الإله الرئيسي لمدينة منف،وفي عصر ملوك البطالمة أصبح«أبيس» المعبود الرسمي لمصر، وعُبد تحت اسم «سيرابيس» وهو الاسم الذي اشتق منه اسم «السرابيوم».
اكتشاف السرابيوم
اكتشف عالم الآثار الفرنسي« أوجست مارييت» السرابيوم ، وقد ذكر « مارييت » في كتابه عن قصة اكتشافه السرابيوم: ” ذات يوم صعدت إلى قلعة صلاح الدين وأخذت أتأمل الصحراء المصرية وأهرامات الجيزة، فبدر إلى ذهني ما كتبه الرحاله والمؤرخين القدماء مثل استرابو عن معبد عند الهرم المدرج صف مدخلة بتماثيل أبو الهول المصنوعة من الذهب وكرس لعبادة الثور المقدس أبيس، ولكن هذا المعبد اختفى، لقد ابتلعته الصحراء الغربية” ؛ وكان مارييت قد شغف بالحضارة المصرية وقد زاد فضول «مارييت» في الوصول إلى ذلك السرابيوم ، فيذكر «مارييت» أنه استأجر ثلاث حمير لتحمله، وتحمل حقائبة بصحبة عدد من العمال، للكشف عن هذا المكان الأسطوري، وعقب عام من التنقيب تمكن «مارييت» من الوصول إلى مدخل السرابيوم ؛ لكن لم يكفي العثور على المعبد ولكن محاولة فهم كيفية بناء ممراته واكتشاف توابيته، هي التي ما زالت تحير علماء المصريات ؛ ووجد مارييت عند اكتشافه للسرابيوم أن الموقع عبارة عن مجموعة من الممرات تحت مستوى سطح الأرض بنحو 10 أمتار، فالمدخل الرئيسي عبارة عن ممرات طويلة ومستديرة محفورة في صخر الأرض؛ وقد ُسرق ما بها من حُلى ذهبية ؛ واحتوت الممرات على فتحات مشكاوات عثر فيها مارييت على مجموعة من البرديات واللوحات التي تخص عبادة الثور أبيس في مصر والطقوس المرتبطة به.
اللغز الأكبر «التوابيت » وكان اكتشاف 24 تابوتًا من الجرانيت والبازلت داخل المقابر هو أحد أكبر ألغاز السرابيوم حتى اليوم ، فالتابوت ضخم الحجم يزن نحو 70 طنًا وغطاؤه يزنُ نحو 30 طنا ويترواح ارتفاع التابوت بين 3 و4 أمتار ويصل عرضها إلى 2.5 متر وطولها 3 أمتار واللغز في مجموعة التوابيت ليس في عددها أو ضخامتها فقط وإنما في سبب صنعها ليُثير فضول العلماء كيف دخلت هذه التوابيت ضخمة الحجم في ممرات ضيقة تحت الأرض ! ؛ وقد وجد أوجست مارييت أن جميع التوابيت مفتوحة وخالية ، إلا أنه قد وجد تابوتًا وحيدًا مغلقًا، وقد وضع أمله أن يكون هذا هو التابوت الوحيد الذي لم يتم نهبه، وقد حاول فتحه بالاستعانة مع العمال حتى اضطر إلى استخدام الديناميت.