عود حميدا.. فقد عاد لنا “أبو العروسة” سيد رجب، الأب الذى تتمناه كل فتاة، والنموذج المصرى العصرى للأب الصديق الذى ينصت لأولاده ويفسح لهم مساحة من النقاش والاختلاف الصحى الذى لا يضر بالعلاقة.
“أبو العروسة” خط فاصل من الاحترام، بل إنه يحقق النتيجة المرجوة من الحوار والهدف المراد منه بمنتهى السلاسة دون عصبية أو تعصب لرأى.. الحنون الذى يمنح بناته حبا ورعاية تمنحهن حماية من أى أزمة عاطفية أو إنسانية تعترض طريقهن، فالحنان مع الحزم يوفر الوقاية ضد أزمات الزمن.. السند فى الحلوة والمرة الذى يقف بالمرصاد لأى خطأ فيسرع لتصحيحه أو يرى إيجابيات فيعظم منها ويشجع صاحبها على تحقيق المزيد.
نموذج الأب الذى أتحدث عنه، والذى قد يرى البعض أنه قُدِّم فى صورة غاية فى المثالية، وأننا لم نعد نرى مثل هذا النموذج فى آباء اليوم، كما لا نرى أبناء يشبهون آباءهم، فمن المؤكد أن لديهم كل الحق، لأن الآباء الآن يعملون فى أكثر من عمل لتلبية طلبات الأبناء التى لا تنتهى.. كما أننا نرى التجمعات الأثرية وقد صارت جلسات بلا حوارات، لأن كل فرد يعيش فى عالمه الافتراضى مع موبايله الخاص، ما أدى إلى هذه الحالة من الصمت والخرس العائلى.
ودعونى أقول، إن هناك أُسَر فى الريف لا تزال بهذه الصورة العائلية التى تنعم بالدفء والحب والحنان.. ثم إن مؤلف ومخرج العمل هانى كمال، أراد أن يستدعى شكل الأسرة المصرية ما قبل عصر الموبايل والإنترنت.. الأسرة التى كانت تجتمع مع حواديت الأب أو الجد، وقفشات الصغار.
الأمر الآخر أنه تأثر كثيرا بشخصية والده الأستاذ “كمال نجيب” الذى عرفته عن قرب، حيث جمعنى معه العمل فى بدايتى الصحفية وشخصيته تشبه كثيرا “عبدالحميد” أبو العروسة.
أعود إلى عتاب على “عبدالحميد”، والذى وافق على زواج ابنته فى سن العشرين، وهى لا تزال طالبة بالجامعة، ونحن نطالب بتأخر سن الزواج حتى تستطيع الفتاة تحمل مسئولية الزوج وتربية الأبناء، وقد ظهر هذا واضحا فى حوار الأم مع الابنة فى موقفين:
الأول، عندما قالت “ربنا يسامحك يا عبدالحميد”، دلالة على رفضها تزويج ابنتها قبل التخرج من الجامعة، خصوصا وأنه لم يشر إلى أنها فى السنة النهائية مثلا.
وثانيا، حوارها مع الابنة قبل الزفاف، وهى توصيها بالزوج وتحاول أن تطمئن على فهمها لمعنى الزواج ومسئولياته، وإن كان الحوار كوميديا إلى حد كبير إلا أن ردود الابنة أكدت عدم قدرتها أو استعدادها لتحمل المسئولية.. صحيح الزيجة فشلت، وقد يكون المؤلف أراد بذلك تصحيح المسار حتى لا يؤخذ عليه فكرة الترويج لـ الزواج المبكر.
ما أشرت اليه لا يقلل من قيمة وأهمية وروعة العمل، وشكل الأسرة المصرية التى افتقدناها، والتى اشتقنا إليها فى كل شىء.. بساطة وتماسك الأب والأم.. مشاكل وطموحات الأبناء.
وجود كل هذا الارتباط رغم اقتحام التكنولوجيا بكل سلبياتها حياتنا وأشياء أخرى كثيرة تجعلنى وتجعلنا ننتظر كل يوم “عايدة وعبدالحميد” مع مواقف إنسانية جمالها فى بساطتها، والأجمل “سيد رجب”، السهل الممتنع، “أبويا” وأبو كل فتاة كبر سنها أو صغُر.